رئيس التحرير
عصام كامل

الغنوشي ينقلب على إخوان مصر ويصفهم بالغرورين والصبيانيين...زعيم "النهضة": قادة الجماعة اهتموا بالمفاوضات أثناء الثورة.. واستهتروا بالشعب خلال حكمهم فأسقطهم.. بان: التنظيم الدولي لا يملك اتخاذ القرارات


بدأت الخلافات والتناقضات بين أعضاء التنظيم الدولي للإخوان تظهر خاصة بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من حكم مصر بعد ثورة 30 يونيو والتي تعتبر أكبر الضربات التي تلقاها التنظيم منذ تأسيسه على يد حسن البنا في عام 1948.


وآخر هذه الخلافات كشفت عنها شبكة "ارم" الإماراتية والتي نشرت تقريرا عرضت فيه مداخلة مطولة لزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في اجتماع قادة التنظيم العالمي للإخوان والذي عقد في إسطنبول في منتصف الشهر الماضي وهي المداخلة التي اعتبرها المجتمعون انقلابا جذريا في فكر زعيم النهضة التونسية.

- سياسة مرتبكة وصبيانية
ووجه الغنوشي نقدا لاذعا لجماعة الإخوان في مصر ولقيادة التنظيم العالمي للجماعة لأنهم تصرفوا بطريقة أفقدتهم الحكم في مصر ووصف سياساتهم بأنها مرتبكة وارتجالية وصبيانية.

وأكد أن الإخوان لم يستفيدوا من التجربة التونسية في الثورة فكانت تجربتهم منذ الأيام الأولى لثورة يناير تعاني ارتباكا كبيرا وترددا عميقا.

وأشار إلى أن الإخوان التحقوا كغيرهم بالجماهير بدلا من أن يقودوا الثورة كما أنهم لم يريدوا للحظة أن يدفعوا ثمن مشاركتهم في حال فشلت هذه الثورة الشعبية مع أنهم طيلة السنوات الماضية كانوا يدفعون ثمنًا باهظًا –على حد تعبيره.

- "المفاوضات قبل الثورة
وتابع زعيم النهضة التونسية قائلا "إنه في اليوم السادس للثورة اتصل بمكتب الإرشاد ليهنئ أفراد الجماعة بانتصار الثورة والشعب ونصحهم قائلا "لا تساوموا ولا تفاوضوا على بقاء النظام لأنه في هذه الحالة فسوف تلفظكم الجماهير وتسقطكم".

أضاف " لا أخفي أن جيل الشباب في الإخوان كان متحمسا ومنخرطا وخالف قيادته في كثير من المراحل ولم يكن هناك تقسيم أدوار لأن أعين قادة الإخوان منذ البداية كانت منصبة على المساومات والمفاوضات".

- الغرور والرئاسة
وأشار إلى أن الصدمة الأكبر للإخوان مصر كانت عندما أخذهم الغرور كثيرا فأرادوا أن يحكموا سيطرتهم على مفاصل الدولة كلها بأدوات قاصرة وعلى كل الأصعدة.

وأكد أنهم واصلوا العمل في الرئاسة والحكومة بطواقم إخوانية صرفة لا خبرة لها في إدارة الدول، والشعب يغلي وقادة الإخوان لا يعيرون أي اهتمام لذلك واستهتروا بالشعب وتحركاته ومطالبه.

وأثارت مداخلة الغنوشي لإخوانه غضب رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان والذي طلب – بحسب ارم- من جماعة الإخوان في مصر عدم نشرها والتكتم عليها إلا أن الغنوشي وزعها على قادة الإخوان بعد عشرة أيام من الاجتماع رافضا قرار التنظيم العالمي بحفظها وكتمانها.

وعلي الجانب الآخر اعتبر عدد من المنشقين عن الجماعة أن رسالة الغنوشي تعتبر حلقة في سلسلة انتقادات كان وجهها سابقا إلى قادة الجماعة وتنظيمها الدولي، مؤكدين أن مواقفه التي تدعم إخوان مصر ما هي التزام بعدم تشويه الجماعة.

- نموذج متفرد
ووصف الإخواني المنشق أحمد بان الباحث في شئون الحركات الإسلامية الغنوشي بأنه "نموذج متفرد" داخل التنظيم الدولي للإخوان.

وأوضح أن الغنوشى كان له العديد من المواقف السابقة التي انتقد فيها الجماعة على المستوي الفكري والتنظيمي، وقدم العديد من النصائح لإخوان مصر بشكل خاص، للانفتاح على القوى السياسية، إلا أن هذه النصائح ذهبت أدراج الرياح، وبالتالي فموقفه الحالي في الهجوم على الجماعة ليس جديدا.

وأضاف أن الغنوشي لعب دور الوساطة بين الإخوان وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، في فترة حكم الإخوان بهدف إقناع الجماعة بالشراكة الوطنية، والبعد عن مبدأ الانفراد بالحكم، ولكن الجماعة أيضا لم تستمع إليه، مشيرا إلى أنه عارض الجماعة كثيرا ولكن في وقت ما كان عليه أن يساند مواقفها.

وأشار إلى أن التنظيم الدولي الإخوان يهدف فقط إلى دعم الجماعة إعلاميا، إلا أنه لا يمتلك سلطة اتخاذ القرارات، أو حتى إعطاء النصائح، لأن مكتب الإرشاد هو مركز الثقل في الجماعة، وهو الأمر الذي جعل إخوان مصر وبخاصة المسجونين حاليا منهم، لهم القدرة الأكبر على التأثير.

- "سياسي محنك
فيما قال الإخواني المنشق سامح عيد الباحث في شئون الحركات الإسلامية "إن انتقاد الغنوشي، لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، يأتي انطلاقا من أن أدبيات الجماعة التي تعطي للأعضاء الحق في الاحتجاج الداخلي، فيما تلزمهم بالدفاع عن سياساتها وقراراتها في الخارج، حتى لا يكون العضو المحتج بمثابة خنجر في ظهر الجماعة".

ووصف، الغنوشي بأنه "سياسي محنك" وتمرس في العمل السياسي أثناء وجوده في لندن، كما أنه احتك بكبار الساسة والإعلاميين هناك، مما جعله يميل إلى الفكر المتحرر نسبيا عن فكر الجماعة الذي يتصف بالتشدد، الأمر الذي جعله يقرأ المشهد السياسي بصورة صحيحة، ويدرك أن إخوان مصر هم السبب الحقيقي وراء ضياع السلطة.

وعن موقف رئيس الوزراء التركي من انتقادات الغنوشي قال عيد إن أردوغان أظهر حالة من "العناد" مع النظام المصري الحالي، مشيرا إلى أنه "تصرف بشكل شخصي"، بمعني أنه أراد تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر حتى وإن كان ذلك سيؤدي بالإخوان إلى النهاية.
الجريدة الرسمية