رئيس التحرير
عصام كامل

الكونجرس يظلم مصر


تتلقى مصر مساعدة عسكرية أمريكية بحدود 1.5 بليون دولار في السنة، مقابل ثلاثة بلايين دولار في السنة لإسرائيل، معها نحو عشرة بلايين دولار من المساعدات المختلفة، حكومية وفردية، معفاة من الضرائب.


المساعدة لمصر هي جزء من المساعدات لإسرائيل، فهي ثمن توقيع مصر معاهدة السلام، وإذا خرجت مصر من المعاهدة فالمساعدة ستتوقف فورًا لأنها (مرة أخرى) لإسرائيل وليست لمصر.

الكونجرس الأمريكي أوقف الآن مساعدة عسكرية لمصر قيمتها 650 مليون دولار بسبب أحكام الإعدام التي صدرت على مئات من أنصار الإخوان المسلمين «وانتهاك مريع للعدالة» وفق قول السيناتور باتريك ليهي، وهو ديمقراطي من ولاية فيرمونت قتل إرهابيين، وهو يتكلم، أبرياء من القاهرة إلى شرم الشيخ، وأصرَّ على أن لا يراهم.

وهكذا فمجلس الشيوخ يقرّ دفع بلايين الدولارات لدولة من ستة ملايين محتلّ، ويمنع المساعدة عن مصر وفيها 90 مليون نسمة.. المقارنة لا تنتهي عند أرقام السكان فإسرائيل دولة عنصرية تقتل وتحتل وتدمر، ولها الرقم القياسي في القرارات التي تدينها في مجلس الأمن الدولي، ومصر لم تحتل أو تقتل أو تدمر وليست متهمة بجرائم حرب، ولا توجد قرارات دولية تأمرها بالخروج من هذا البلد أو ذاك.

الكونجرس الأمريكي، بمجلسي النواب والشيوخ، يستحق وقفة، ففيه بعض أفضل السياسيين في أمريكا والعالم، أعضاء يريدون مصلحة بلادهم ولكن ليس على حساب مصالح الآخرين ويطلبون الخير لكل الناس.. كما فيه أعضاء من أسفل أهل الأرض، اشتراهم لوبي إسرائيل بالمال ووضعهم في جيبه، وهم يقدمون مصلحة إسرائيل على المصلحة الأمريكية دائمًا، وإلى درجة أن هؤلاء الأعضاء بعد الأزمة المالية الخانقة التي أطلقتها إدارة بوش الابن بحروبها المدمِّرة الخاسرة أصدروا بيانًا يسمح للدولة بالتوفير في الإنفاق حيث تريد شرط ألا تمسّ المساعدات لإسرائيل، بكلام آخر، هؤلاء الأعضاء لا يمانعون أن يُحرَم مواطن أمريكي فقير من مساعدات لإطعام أسرته، أو للطبابة، إلا أنهم يصرون على أن تُخطف المساعدات الأمريكية من فم الفقير الأمريكي لتصل إلى إسرائيل وهي لا تحتاج إلى مساعدة أصلًا.

مَنْ يؤيد وقف المساعدة لمصر مع السيناتور ليهي؟ قرأت اسم السيناتور ليندسي غراهام ما يعني أن السيناتور جون ماكين له الموقف نفسه.. وهذان العضوان أيّدا كل حرب على العرب والمسلمين، بما فيها الحرب على العراق، ولا يزالان يؤيدان حروبًا نكبت الاقتصاد الأمريكي.. هما أعداء العرب والمسلمين.

بين المؤيدين أيضًا «مجلس تحرير نيويورك تايمز»، وهذا يضم بعض غلاة الليكوديين من أنصار إسرائيل، فهو يرى أن الولايات المتحدة تساعد الفوضى في مصر بمساعدة «الحكم العسكري».

طبعًا هو حكم مدني انتقالي ورئيس الجمهورية كان رئيس المحكمة الدستورية العليا، أي أنه لا يوجد أحد في مصر أو حولها أكثر خبرة منه بالقانون وممارسته.. الأحكام بالإعدام لن تنفذ.. هذا مستحيل.. هي مجرد محاولة لتخويف الإرهابيين وجعلهم يتوقفون عن قتل المصريين، إلا أن أنصار إسرائيل لا يرون الإرهاب ضد شعب مصر وإنما يرون الرد عليه.

الكونجرس ومجلس التحرير في هذه الجريدة أو تلك من عصابة إسرائيل ربما يفضل أن يعود الإخوان المسلمين إلى الحكم فهم نكبوا مصر في سنة وحيدة لهم في الحكم وخرجوا ليمارسوا الإرهاب، وأنصار إسرائيل يريدون أن تخرب مصر لتخرب الأمة معها وبعدها، وتنتقل إسرائيل من احتلال فلسطين كلها إلى مشروع دولة من الفرات إلى النيل لم توجد يومًا ولن توجد.

مصر والدول العربية التي تريد مساعدة الأشقاء في مصر قادرة على أن تعاقب الولايات المتحدة وأن تجعلها تدفع مع إسرائيل ثمن ممارسات حكومة إرهابية في إسرائيل تقتل النساء والأطفال بسلاح أمريكي وبحماية الفيتو في مجلس الأمن.
غدًا ستعود مصر قوية وقائدة وهي تعرف العدو كما تعرف الصديق.
نقلا عن جريدة الحياة اللندنية
الجريدة الرسمية