رئيس التحرير
عصام كامل

في الذكرى السنوية لاختيارها.. «تاتشر.. المرأة الحديدية».. أول رئيسة وزراء لبريطانيا.. أكثر الشخصيات تأثيرًا في بلادها.. أول امرأة ترأس حزبًا سياسيًا.. أسست مذهب «التاتشرية» الذي لا


تشهد المملكة المتحدة البريطانية الذكرى السنوية الـ35 لاختيار أول امرأة تتولى منصب رئيسة الوزراء البريطاني، وكانت مارجريت تاتشر أول امرأة بريطانية تتسلم هذا المنصب، كما أن مدة حكمها هي الأطول منذ عهد روبرت جنكنسون.


ولدت مارجريت تاتشر باسم مارجيت هيلدا روبرتس في 13 أكتوبر عام 1925 وتوفيت في 8 أبريل عام 2013، وتلقت تعليمها في كلية سامرفيل بجامعة أوكسفورد، وتخرجت بتخصص الكيمياء عام 1947.

أكثر الشخصيات تأثيرا في بريطانيا
وتعد تاتشر أكثر رؤساء وزراء بريطانيا تأثيرًا في بلدها في وقت السلم خلال القرن العشرين، وفازت في 3 انتخابات وظلت في السلطة مدة أحد عشر عامًا، من 1979 إلى 1991، وساعدت بريطانيا في استعادة جزر الفوكلاند من الأرجنتين عام 1982، ومنحها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وسام الحرية عام 1991، واندرج اسمها على لائحة أعضاء الشرف للعائلة المالكة البريطانية عام 1992 وفي نفس العام حلفت اليمين لتصبح البارونة تاتشر لمقاطعة كيستيفين.

أول امرأة في بريطانيا ترأس حزبًا سياسيًا
كانت تاتشر أول امرأة في تاريخ بريطانيا ترأس حزبًا سياسيًا، اختيرت كرئيسة لحزب المحافظين سنة 1975م، وأصبحت رئيسا للوزراء بعد أن هزم حزبها حزب العمال في الانتخابات العامة التي جرت سنة 1979م، وسبق لتاتشر أن انتُخِبت كنائبة في البرلمان عن دائرة فينشلي، شمالي لندن عام 1959، ثم تولت وزارة التربية.

المرأة الحديدية
واشتهرت تاتشر بلقب المرأة الحديدية نظرًا لأسلوبها الصارم في القيادة في الانتخابات العامة أعوام 1979، 1983، و1987، وقامت أثناء حكمها بخصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة لدعم تحول أوسع نحو اقتصاد السوق، مع تقليص الضرائب.

ويُعدّ ميراث تاتشر السياسي فلسفة شخصية، تُعرف بالتاتشرية التي تُبنى على الفردية المتشددة والخصوصية، فقد جاء في أحد تعليقاتها: "لا يوجد ما يسمى "المجتمع" واقتصاد السوق الحرة والذي روج له خبراء الاقتصاد أمثال ميلتون فريدمان وفريدريش فون هايك والإصرار على تنفيذ سياستها الأساسية، على الرغم من عدم قبولها شعبيًا غير آبهة بما يواجهها من خلافات كما كانت السباحة ضد التيار واحدة من أهم سمات النظرية التاتشرية.

سياستها الخارجية
تميزت سياسة تاتشر الخارجية بثلاثة مظاهر رئيسية: الالتزام الشديد بالمصالح الوطنية البريطانية والحرص عليها والارتباط الطبيعى بـ"الأطلسي"، أي وجود علاقة خاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والشك العميق في القارة الأوربية، خاصة الألمان.

وكان العنصر الأول من العناصر الثلاثة، يستحوذ على جُلّ اهتمامها، ففى تعاملها مع القوى الأجنبية، سواء شركاء بريطانيا في أوربا، أو الاتحاد السوفيتى السابق كانت دائما تعلن على الملأ أن مصالح بريطانيا في المقدمة إلى درجة أنها كانت أحيانًا تنسى مصالح الدول الأخرى.

ومن الناحية السياسية، تُعد تاتشر قومية على الصعيد الخارجى واقتصادية تؤمن بالتحرر الاقتصادى على الصعيد الداخلي.

وكانت تعتقد أن هيمنة الحكومة على الاقتصاد، منذ الحرب العالمية الثانية قد أوقفت النمو وعطلت الابتكار في بريطانيا، وأن السوق الحرة هو أفضل السبل لتحديث البلاد وقد عبّرت عن رفضها انشغال حزب العمال بالعمالة الكاملة (أي لا وجود للبطالة) والالتزامات التي يؤديها القطاع العام، وتدخل الحكومة في الاقتصاد فأعلنت برنامجًا موسعًا للخصخصة، يهدف إلى كبح بل القضاء على قوى الشركات الكبرى التابعة للدولة.

احتفظت تاتشر بعداء خاص للشركات الاحتكارية في كل الميادين، بسبب ممارساتها القمعية في كل مجال خاصة تجاه نقابات العمال في بريطانيا، فعملت على شل حركتها وإضعاف أهميتها وقد عزمت رفع القبضة الحديدية، التي تفرضها الأجهزة الحكومية على الحياة الاجتماعية فأشركت قوى السوق في تمويل الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم.

المصلحة الراديكالية
وهكذا اكتسبت تاتشر سمعة كمُصلِحة راديكالية، بل كثورية تنأى بحزب المحافظين عن الوسط إلى اليمين، في المجال السياسي.. وخلال سنوات عملها رئيسة للحكومة، ساعد ضُعف حزب العمال في إقناع الناخبين بعدم وجود بديل لقيادتها.

أرادت تاتشر تقسيم الاتجاهات السياسية المعاصرة لها، على الصعيد الداخلى والخارجى إلى "من معنا"، و"من ضدنا" وقد سُجّلت لمحة مختصرة عن حياتها أَعَدَّها البرلمان البريطاني، ما تحبه وما تكرهه: كانت تفضل خلق الثروة؛ والمغامرات؛ ووجود منافسة أكثر فاعلية مع مستويات أدنى من الأجور والقوة النووية؛ ومساواة المرأة بالرجل في المعاملة وحكم الإعدام كذلك والحركة الديجولية؛ وحلف شمال الأطلسي؛ والأمريكيين.

كانت تكره المضربين عن العمل؛ ومناصرى الاتحادات المهنية والمجالس المحلية ذات الإنفاق المرتفع؛ والفيدرالية الأوربية والروس عدا جورباتشوف، كما كانت لا تمل من العمل، فكانت، نادرًا، أثناء عملها رئيسة للوزراء ما تتناول إفطارها ولم يزد نومها عن خمس ساعات في اليوم وقد مزحت ذات مرة بقولها: "يجب أن يكون لدى أفضل مصنع أدرينالين، في المملكة المتحدة".

سيرتها الذاتية
أصدرت تاتشر كتابًا عن سيرة حياتها عام 1995 تحت عنوان "الطريق إلى القوة"، وتقاعدت عن الخدمة في الحياة العامة 2002 لإصابتها بعدة جلطات وأسست مركز تاتشر عام 2005، وفي عام 2004 اعتقلت شرطة جنوب أفريقيا ابنها مارك بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة في غينيا الاستوائية واعترف بتورطه وخرج من السجن بكفالة.

كانت تاتشر حادة الذكاء، ولكنه ذكاء غير منصف، فما أن تقرر رأيها، فنادرًا ما تعدل عنه وقد استشهدت بقول شكسبير في إحدى مسرحياته: "أي ليس من السهولة تغيير رأيي، فأنا أعرف طريقى ومصممة على تحقيق هدفي"، للتعبير عن صلابتها وعنادها.. وعلى الرغم مما كانت تتمتع به من رغبة حديدية فقد كانت دومًا تنكر أنها قاسية، معللة ذلك بقولها: "إن صاحب الهدف دائمًا يُتهم بأنه متسلط".
الجريدة الرسمية