عجائب الحياة فى زمن الإخوان!
شاء القدر، بعد أن أمّد الله فى أعمارنا، أن نعيش فى زمن الإخوان! وهى فكرة لا أظن أنها خطرت على عقل بشر وثورة 25 يناير فى عز فتوتها، أن تستولى جماعة الإخوان المسلمين على السلطة المطلقة فى مصر، متحالفة مع جحافل السلفيين الذين خرجوا من كهوفهم التى ظلوا قابعين فيها عشرات السنين.
وجاء زمن الإخوان وهو زمن، والحق يقال، بالغ الغرابة، إذ تختلط فيها التراجيديا مع الكوميديا السوداء!
وهل هناك تراجيديا أوجعت قلوب الناس فى الشرق والغرب من سحل المواطن البائس "حمادة" ومعاملته وكأنه ليس كائناً آدميا؟
الواقعة فى ذاتها تراجيديا غير أنها سرعان ما تحولت إلى كوميديا بعد أن صرح الرجل بأن الشرطة بريئة تماماً مما حدث، "ووسعت منه" الحكاية حبتين حين اتهم المتظاهرون الأشرار أنهم هم الذين جردوه من ملابسه وسحلوه، وأن الشرطة الطيبة أكرمها الله هى التى أنقذته من أياديهم الباطشة!
كانت هذه هى الحكاية الأولى والتى كذبت ما رأيناه من أحداث الواقعة على شاشات التليفزيون!
غير أن "حمادة" حين انتقل من مستشفى الشرطة، حيث عومل بعناية فائقة تليق به، إلى مستشفى المطرية عاد سيرته الأولى وقال إن الشرطة هى التى سحلته وأن المتظاهرين لم يعتدوا عليه!
قصة مؤلمة تحكى الخوف الشديد من السلطة، ومحاولة الإفلات من قبضتها الباطشة بأى طريقة.
وأنا هنا لا أريد أن أنضم لقافلة الكتاب والإعلاميين الذين يريدون تحويل هذه الواقعة إلى ظاهرة عامة تشير إلى سلوك الشرطة. وذلك أنه "يا دوبك" الشرطة حاولت جاهدة استرداد الثقة المفقودة بينها وبين الشعب، ولذلك لا نريد أن نعمم "بل إننا لابد أن نراعى الظروف البالغة القسوة التى يعمل فى ظلها جنود وضباط الأمن المركزى والذى لا تتوانى العناصر الغوغائية عن قذفهم بالطوب والمولوتوف، ولذلك يسقط منهم ضحايا لا يحس بهم أحد للأسف الشديد.
وإذا كنا أشرنا من قبل فى "فيتو"، فى مقالنا بعنوان "محافظ بجلابية وضابط بذقن"، وكنا نتحدث عن محافظ كفر الشيخ الإخوانى المهندس "الحسينى" الذى صلى الفجر مرتدياً جلابية بيضاء ثم انتقل مباشرة بالجلابية، لكى يفتش مبكراً عن الإدارات والمصالح التابعة له لكى يشعر الناس وهما بنشاطه، فإن هذا المحافظ الهمام بالذات والذى فشل فى حل أى مشكلة فى محافظته هو الذى كان ضحية حادث بالغ الغرابة.
الرجل، بمنتهى حسن النية، كان عائداً من كفرالشيخ إلى المحلة الكبرى حيث يسكن، وإذا بمجموعة من الملثمين يقطعون عليه الطريق ويجبرونه على النزول من سيارته هو والسائق والحارس المسلح ويسرقون كل متعلقات المحافظ وأوراقه التى قال إنها بالغة الأهمية، ويسرقون السيارة أيضاً، ويتركون المحافظ والسائق والحارس فى الليل "البهيم" يتخبطون حتى وصلوا إلى القسم لتحرير محضر!
هذه حادثة لا سابقة لها تدل فى الواقع على النجاح المبهر لسيادة المحافظ الهمام فى تحقيق الأمن فى المحافظة!
غير أنه هناك مازالت فى الجعبة حكايات أخرى من زمن الإخوان.
وأخطرها على الإطلاق الفتوى التى أطلقها هذا الشيخ السلفى الأحمق الذى شاهدته فى التليفزيون وهو يقرأ حديثاً عن صحيح "مسلم" استند إليه فى إصدار فتوى بقتل زعماء جبهة الإنقاذ "البرادعى" و"عمرو موسى" و"حمدين صباحى"، لأنهم خرجوا على الحاكم فحق قتلهم! هكذا صاح الرجل وهو يمسك صحيح مسلم فى يده ويقول الحديث فى الكتاب أهه!
وتبين لنا بعد ذلك أن هذا الجاهل أستاذ فى الأزهر يدرس البلاغة، مع أن تفكيره يكشف عن خفة عقلية لا حدود لها وتفاهة شديدة, بل أكثر من ذلك فإن حديثه يعرضه للمسئولية الجنائية لأنه يتضمن تحريضاً علنياً على القتل.
ونختم بأطرف حكاية من حكايات زمن الإخوان. تقول الصحف إن مواطناً اسمه "عرفة" قاد بولدوزر من بنها إلى القاهرة (أنا أشكك فى صحة الحكاية فى هذا الجانب بالذات)، وقاده إلى قصر الاتحادية ليستخدمه فى تحطيم إحدى بوابات القصر حتى يسمح للمتظاهرين باقتحام القصر، غير أن الأمن استطاع القبض عليه قبل أن يقود الهجوم على القصر!
إذا وضعنا المحافظ أبوجلابية مع الشيخ الأحمق ومعهما "عرفة بلدوزر" فى سلة واحدة ألا يعكس هذا زمن الإخوان الزاخر بالطرائف الغريبة والذى لا يخلو فى الوقت نفسه من كوارث لا حدود لها؟
eyassin@ahram.org.eg