القمح.. والكارت الذكي
كرهت الكروت الذكية، خاصة وقد صارت كثيرة الآن، الحمد لله ليس لدى بطاقة تموين منذ أكثر من 25 سنة.. أعدتها إلى مكتب التموين حين تولي على لطفي رئاسة الوزراء في السنوات الأولى من حكم مبارك، وقيل إن حامل بطاقة التموين يجب أن يعيدها في حالة السفر إلى الخارج ولا يستعملها.. قلت لن أستعملها لا في سفري ولا غير سفري، ولأترك التموين لمن يحتاجه خاصة أنه تقريبا بقايا إنتاج.. مرت الأيام وصار التموين بالكارت الذكي قلت الحمد لله لا علاقة لي بالتموين..
عرفت أن بنزبن السيارة سيكون بالكارت فاستخرجته.. لم يتم استخدام كارت البنزين حتى الآن وأرجو ألا يتم لأني سأحمل معي كارتين وسأخلط بينهما.. كارت البنزبن وكارت البنك.. خرجت من عملي إلى المعاش فقيل إنه يمكن أن يكون المعاش بالكارت، فحولت المعاش على حسابي في البنك حتى لا أحمل أكثر من كارت، ورثيت لحال بعض الناس الذين يضطرون لحمل أكثر من كارت، كارت معاش أو مرتب وكارت تموين وكارت بنزين.
منذ ثورة يناير وكل وزير تموين يأتي يقول إنه سيجعل الخبز بالكارت الذكي، مرة ثلاثة أرغفة ومرة خمسة، الوزراء الخمسة في خمس وزارات قالوا ذلك.. بعضهم قال إنهم يطبقون التجربة في محافظة أو اثنتين، قلت الحمد لله ليس لدى بطاقة تموين ولن أحمل كارتا للخبز طبعا، لكني رثيت أكثر لحال من سيستخدمون كارتا للخبز، ستحدث بينهم وبين باعة الخبز في الأفران مشاكل من نوع " أنت ماجتش إمبارح وراح عليك العيش" ويرد حامل الكارت "الوزير قال إنه من حقي لو اتأخرت" فيرد بائع الخبز "التعليمات اللي عندي يوم بيوم".
وهكذا يضيع الوقت والواقفون منتظرون في ضيق.. الوزراء الأربعة السابقون للتموين قالوا بالكارت الذكي، ولم يطبقوه لأن الوزارة تغيرت، ولم يفكر الوزير الجديد أن الكارت وشه نحس على الوزارة، لكن الأهم هو أن أحدا لم يسأل نفسه لماذا حقا لا نستطيع حل مشكلة الخبز؟ طبعا السبب عدم توفر القمح، طيب لماذا لا نحل مشكلة القمح؟ زمان كنا نعرف أن أمريكا تمنع زراعته لأنها المصدّر الأكبر لمصر.. هل لا يزال الوضع كما هو ؟
لا أظن.. الاستيراد يتم من دول كثيرة مثل أستراليا وأوكرانيا وروسيا، طيب لماذا، ولم يعد هناك من يمنعنا من زراعته؟ أعني القمح.. لأننا لو زرعناه سنغضب المستوردين، لا إحابة غير ذلك خاصة أن بعد ثورة يناير كثيرا من المصريين في الخارج تحمسوا للعودة وزراعة القمح، لكن ذهب الحماس وذهبوا ولم يزرعه أحد..
لابد أنهم وجدوا عراقيل كثيرة في ذلك.. طيب لماذا لا تزرع الدولة القمح أو تشجع على زراعته؟ لدينا من الأرض ما هو صالح للزراعة في كل الصحاري، ولدينا واحات على رأسها واحة الفرافرة غير مزروعة، وإذا وقفت فيها سمعتها تناديك قائلة ازرعني ! لماذا تغرم الحكومة بالكروت الذكية، سيصبح على المصري العادي الآن حمل ثلاثة كروت ذكية والأيام قادمة بكروت أخرى، والخوف كل الخوف أن يكره الناس كل من اسمه "ذكي" !
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com