رئيس التحرير
عصام كامل

"فهمي.. والزواج الشرعي"


منذ عهود طويلة كان يحلم الشعب المصرى بحكومة قوية تراعى مصالح الشعب وتسعى إلى تحقيق طموحاته وتطلعاته وكان يتردد اسمان في كل تشكيل حكومة وهما المهندس إبراهيم محلب لوزارة الإسكان ونبيل فهمى لوزارة الخارجية خاصة بعد ثورة 25 يناير ولكن لم يحالفهما الحظ وظلت برامج الـ"توك شو" تتباكى على عدم اختيارهما حتى "انزاحت غمة" الإخوان من السلطة وجاءت ثورة 30 يونيو وأصبح محلب رئيسًا للوزراء.


لم تترك لعنة الكرسي هذين الوزيرين خاصة، وزير الخارجية الذي نسبت له تصريحات وصف فيها العلاقات المصرية الأمريكية بـ"الزواج الشرعى" وفقًا لترجمات العديد من وسائل الإعلام وخرجت الحناجر الغليظة التي تنادى قائلة "أقيلوا وزير الخارجية"، و"نبيل فهمى لا يمثلنا".. إلخ.

تعقلوا يا سادة.. نبيل فهمى نفسه هو من وصف العلاقات المصرية الأمريكية بالمضطربة دون أن ينظر إلى الاعتبارات السياسية مثل غيره، هو من قال إن علاقات القاهرة وواشنطن بعد ثورتين مجيدتين من الضرورى أن تقوم على الندية والمصالح المشتركة وعدم التدخل في شئوننا الداخلية.. كما أنه هو نفسه من وجه لأمريكا صفعة لم يستطع أي نظام سابق أن يفعلها من خلال تعدد البدائل والخيارات في السياسات الدولية وتعزيز العلاقات مع روسيا والصين التي أزعجت أمريكا كثيرًا، ووسط تصريحاته التي يمكن أن يطلق عليها أولا البلد "عقر" أو يضرب ويلاقى للصالح الوطنى.

لا أدافع عن سياسات أي وزير أيا كان هو، ولكنى أريد من أصحاب الأبواق الزائفة  أن يساندوا حكومة مؤقتة تسعى إلى الوصول بالبلاد إلى بداية بر الأمن والإنجاز الأهم هو الاستحقاق في خارطة الطريق المتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية، نبيل فهمى وجميع وزراء حكومة محلب يعلمون جيدًا أنهم بنسبة كبيرة لن يكونوا في تشكيل الحكومة القادمة بعد تولى رئيس مصرى منتخب مقاليد الحكم.

ليس عيبًا على مسئول في وزارة سيادية مثل وزارة الخارجية التي من المؤكد أنها تعمل وفق سياسة عامة للدولة أن ينتهز الفرصة للتقارب المصرى مع أكبر دولة في محاولة لتلطيف العلاقات أو بمعنى آخر "غزل دبلوماسي" خاصة أننا غير مستفيدين بالعلاقات المضطربة طبقًا لما وصفه نبيل فهمى إنما من الواضح أن الحملة التي واجهت فهمى ولا يمكن أن تخرج عن نطاق الصيد في الماء العكر.

باختصار نبيل فهمى يعمل وفقًا لمنهج علمى في جميع الملفات العربية والدولية الأفريقية والأقليمية والآسيوية، ووضح ذلك في تأثير كلمته الحكيمة في القمة العربية حول سوريا وتحركاته الحسيسة في الملف الإثيوبى وتدويل ملف المياه ومساعيه المباشرة في أفريقيا لعودة النشاط المصري للاتحاد الأفريقي، فضلًا عن تحسين العلاقات مع روسيا والصين والعديد من الدول الكبرى.

ارحموا فهمى وساعدوا مصر لكي تمر إلى بر الأمان في فترة عصيبة تواجه فيها تيارات إعلامية مدفوعة في الخارج وسياسية موالية لأوربا تلتف حول الضغائن بسبب سيطرة الجماعة على اقتصادها، أو دول عربية تأوى التنظيم الإرهابى، الردود الدولية والتحسين في العلاقات المصرية العالمية ليس من فراغ ولكنه بمجهود رجال شرفاء داخل وزارة الخارجية.

وبعد ذلك ورغم تأكيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن حوار الوزير تمت ترجمته بصورة غير دقيقة لكن الصيد في الماء العكر عادة لا يمكن الاستغناء عنه، وإن كانت التصريحات صحيحة أذكركم يا سادة أن الزواج الشرعى يمكن أن يتضمن الطلاق إذا لم تكن العلاقة متكافئة وناجحة وتحقق مصالح الطرفين وبالتأكيد أثبتنا ذلك في مواقف كثيرة.
الجريدة الرسمية