رئيس التحرير
عصام كامل

بالوثائق.. التاريخ السري لـ «الإخوان» داخل الـ «سي آي إيه».. واشنطن تطلب الاجتماع مع «إسنا الإخوانية» قبل الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة 2012.. مدير «سي آي إيه


كشف تقرير صادر عن موقع «مشروع كلاريون» عن وثائق سرية مسربة تؤكد أن مكتب مدير الاستخبارات الأمريكية «CIA» ضلل أعضاء الكونجرس في عام 2012، بعدم كشفه عن تورط الاستخبارات مع كيانات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية".


وتظهر الوثائق وجود عدد من الاتصالات أجريت من داخل مكتب مدير الاستخبارات الأمريكية مع الإخوان، مما سبب قلقًا ومخاوف من الكونجرس بشأن الصلة التي تجمع مكتب الاستخبارات بكيانات الإخوان.

وتشير الوثائق المسربة إلى أن قصة الخداع التي كان بطلها مدير الاستخبارات الأمريكية «جيمس كلابر» للكونجرس بدأت في 10 فبراير 2011- أي قبل تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك بيوم- مما يؤكد وجود صلات قوية بين الإخوان والأمريكان أثناء وقبل ثورة 25 يناير.

«كلابر» نفسه قال في شهادته أمام الكونجرس: «إن الإخوان المسلمين مجموعة غير متجانسة جدًا، علمانية إلى حدٍ كبير، تتحاشى العنف، ووصف تنظيم القاعدة بالمنحرفة إسلاميًا».

في نفس الجلسة، سأل النائب الجمهوري جيف ميلر مدير الاستخبارات عن علاقة الاستخبارات بالإخوان، إلا أن «كلابر» أجاب، قائلا: «كانت هناك تجاوزات للمجتمع المسلم بشكل عام، ولكن أعتقد أننا لسنا على علم بأي تجاوزات مباشرة لهذه المنظمات يقصد أي منظمة على علاقة بالإخوان المسلمين».

ووافقه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية «FBI» روبرت مولر، قائلا: «ليست هناك علاقة تربطنا بالإخوان، ودعمه أيضًا مدير وكالة الاستخبارات المركزية - آنذاك- ليون بانيتا وضحك باستخفاف على سؤال الكونجرس.

وفي 12 يونيو 2012، أي قبل الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة في مصر والتي أسفرت عن فوز عضو مكتب الإرشاد محمد مرسي بها، عقدت مائدة مستديرة استغرقت 90 دقيقة في مقر الاستخبارات بولاية فيرجينيا، وفي الاجتماع التقى «كلابر» شخصيًا مع ممثل للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية «إسنا»- المحسوبة على جماعة الإخوان.

وحضر هذه المائدة أيضًا مدير مكتب مكافحة الإرهاب ماثيو أولسن ومدير مركز الحريات المدنية إلكسندر جويل، وأبرزت الوثائق دعوة مدير مكتب الاستخبارات لأعضاء الإخوان في رسالة أرسلها كلابر بالبريد الإلكتروني للمشاركة في المائدة المستديرة.

الوثائق أبرزت كذلك أنه في عام 2007، أدرجت وزارة العدل الأمريكية منظمة إسنا ككيان تابع للإخوان المسلمين الأمريكية، واتهمتها بالتآمر وتمويل الإرهاب في أكبر محاكمة في تاريخ أمريكا، فيما أٌدينت مؤسسة الأرض المقدسة التابعة للإخوان كذلك بتمويل حماس.

الغريب، والذي كشفته الوثائق السرية، أنه في عام 2012، دعا مدير مكتب الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر، رئيس منظمة إسنا إمام محمد ماجد، للاجتماع معه، لكن إمام محمد أرسل بديلًا عنه لحضور الاجتماع.

وذكرت رسالة البريد الإلكتروني (السرية) أن دعوة رئيس إسنا تم اختياره مع المجموعة الأخرى في الاجتماع، حيث جاء بالوثيقة: «نعتقد أن لديك معلومات مهمة يمكنك أن تشارك بها مع الاستخبارات المركزية، وستوفر للاستخبارات المعلومات الصحيحة والثاقبة، وفي نفس الوقت سنحفظ لك حرياتك المدنية وخصوصيتك».

وما كان من رئيس إسنا إمام محمد ماجد، إلا أن تمسك بموقفه وأرسل مدير التواصل بالمجتمع المحلي محمد السنوسي بدلًا عنه، للمشاركة في الاجتماع مع مدير الاستخبارات.

والسنوسي هو المشرف والسكرتير العام السابق لمدير مكتب «إسنا» للأديان والتحالفات المجتمعية سيد سعيد، وقد ظهر سعيد في فيلم وثائقي عن جماعة الإخوان المسلمين تم تصويره عام 2006، بعنوان «الخدعة الكبرى» وظهر في لقطات قائلا: «مهمتنا هي تغيير دستور أمريكا».

وبعد لقائه مع كلابر، سافر السنوسي مع ماجد إلى مؤتمر للتنظيم الدولي للإخوان في موريتانيا، استضافهم خلاله الزعيم الروحي لجماعة الإخوان أو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، للوقوف على ما حدث في الاجتماع.

في اليوم التالي للاجتماع، أي في 13 يونيو 2012، طلب خمسة من أعضاء الكونجرس من المفتش العام «تشارلز ماكولو» البدء في تحقيق رسمي مع مدير مكتب الاستخبارات أو تقييم دوره مع الجماعات المرتبطة بالإخوان، وعلى وجه التحديد الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية- التي يتخذها الإخوان مقرًا لهم- ودوره مع رئيس الجمعية إمام محمد ماجد.

وبعد شهر، في 11 يوليو 2012، أنكر المفتش العام طلب الكونجرس، نقلا عن بيان كلابر، قائلًا: «لا توجد علاقة للاستخبارات بالمنظمات المحلية المرتبطة بالإخوان المسلمين، هذه بيانات دقيقة»، مضللا بذلك الكونجرس، رغم وجود علاقة استخباراتية وتبادل معلومات بين الاستخبارات الأمريكية والجماعة في ذلك الوقت.

وكان إنكار مدير مكتب الاستخبارات لانخراط الحكومة الأمريكية مع كيانات الإخوان المسلمين بمثابة الصدمة، عندما انكشفت رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي أرسلها المكتب لجماعة الإخوان.

فهذه الرسائل السرية، أوضحت أن الموظفين داخل مكتب الاستخبارات الأمريكية عبروا عن اهتمامهم بـ «إسنا»، كما أن البريد السري ذكر أيضًا أن المنظمة الإخوانية ومنظمة «كير» مدرجتين في وزارة العدل الأمريكية كمنظمات تابعة للإخوان.

وتظهر رسالة بريد إلكتروني منقحة كُتبت ما بين يناير 2009 وأغسطس 2012، نصًا لأحد موظفي مكتب الاستخبارات الأمريكية، يقول خلاله:  «أنا مهتم أيضًا بأن يعمل فريقنا مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الوطني، مع أي مجموعات للإخوان المسلمين، وتحليل الفرص مثل النظر لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (إسنا)، والاستمرار في علاقات مع الإخوان وقياداتها ومؤسساتها الدولية».

فيما يكشف بريد إلكتروني آخر -مصنف على أنه سري- أن «مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) لديه خلفية مماثلة لمنظمة إسنا، والتي برزت من خلال عمليات الترحيل والاتهامات البارزة لأعضاء مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، وخاصة للحصول على الدعم لحماس والمنظمات المتطرفة الأخرى».

وفي 10 يونيو 2010، كتب شخص داخل المركز الوطني لمكافحة الإرهاب بريدًا إلكترونيا، تضمن مناقشات داخلية حول ارتباط المركز بالجماعات التابعة للإخوان»، وفي بريده يقر أن «لديهم علاقات كبيرة بالإخوان المسلمين، وأنهم موجودون على الساحل الغربي، وهناك بعض النقاش هنا عن مشاركة الدولة - أمريكا- مع أعضاء جماعة الإخوان، وقد أعطى الكاتب أمثلة، ولكن تم إخفاؤها من العرض حتى لا تخضع للرقابة».

وفي الوقت الذي دعا فيه إمام ماجد إلى الاجتماع مع كلابر في مقر الاستخبارات القومية، وكانت منظمة إسنا معروفة جيدًا للجميع ككيان تابع للإخوان المسلمين.

بعد عامين من محاكمة منظمة الأرض المقدسة في عام 2009، أيد القاضي الاتحادي خورخي سوليس تهمتي التآمر والإرهاب ضد إسنا، حيث توافرت الأدلة التى تؤكد ارتباطها بشبكة الإخوان ومساعدة حماس، وكانت الشيكات المخصصة لحماس قد وصلت لها من حساب مصرفي تابع لإسنا.

نقلا عن العدد الورقي*
الجريدة الرسمية