رئيس التحرير
عصام كامل

قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ


لم أستغرب اقتحام مجموعة مسلحة مبنى البرلمان الليبي "المؤتمر" وإطلاقها النار، لمنع النواب من اختيار رئيس الحكومة الجديدة، ما استدعى تأجيل التصويت إلى الأسبوع المقبل.


ما حدث في ليبيا لم يأت اعتباطا بل مخططا له، إذ لا يراد وجود رئيسا للحكومة، حتى يكتمل مسرح عمليات بدء المؤامرة الجديدة على مصر.

قبل التطرق إلى "المؤامرة" لابد من العودة إلى مقال كتبته في "فيتو" قبل 21 يوما، ناشدت فيه الحكومة بإغلاق حدودنا مع ليبيا والسودان وغزة، لكن المستجدات الخليجية، جعلت إغلاق الحدود أمرا ملحا لا يحتمل التأجيل.

عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من "الدوحة"، ردا على التآمر القطري والإصرار على التدخل في الشأن الخليجي، وعدم التوقف عن دعم "الإخوان" والعملاء في مصر، سارعت الكويت إلى محاولة رأب الصدع في مجلس التعاون، رغم المكابرة القطرية في مواجهة تهديدات بعزلها وإغلاق الحدود الخليجية معها. وبعد أسابيع من الوساطة توصلت دول الخليج إلى بنود اتفاق "الرياض"، وباتت قطر ملزمة بتنفيذه وفق جدول زمني تشرف عليه وتراقبه الكويت وسلطنة عمان، حتى تطمئن السعودية والإمارات والبحرين.

تقضي بعض بنود الاتفاق بأن تسلم قطر قادة "الإخوان" المقيمين في الدوحة إلى بلدانهم خاصة مصر، ثم تغيير سياسة قنوات "الجزيرة" باعتبارها منصة دعم "الإخوان" والتوقف عن تحريضها السافر ضد مصر وإبداء حسن التعامل مع الشئون العربية. كما نص اتفاق الرياض صراحة على إسكات القرضاوي وعدم استخدام المنابر الدينية والإعلامية سواء القطرية أو التي تدعمها بأي شكل في الداخل أو الخارج في الإساءة إلى الغير، وكذلك منع إقامة أية ندوات أو محاضرات تحت أي ظرف لأي من الجماعات الإرهابية، وعدم ايواء أو دعم المعارضين والخارجين على دولهم.

طبعا قطر لا تريد تسليم "الإخوان" إلى مصر، لأنهم أحد أبرز أدواتها لتنفيذ المخطط الأمريكي لتقسيم الدول العربية، لذا راحت تسابق الزمن لإيجاد ملاذ آمن يأويهم، ويعيدون منه كرة تنفيذ المؤامرة بشكل آخر، أو على الأقل ضمان عدم استقرار مصر، بنشر الفوضى والإرهاب في ربوعها.

لأن قطر تدير ليبيا من الباطن منذ الإطاحة بنظام القذافي، فلم يجد تميم أفضل منها ملاذا لقادة الجماعة الإرهابية، ومن هنا دفع حاكم قطر زبانيته لإقالة رئيس الوزراء الليبي على زيدان حين أراد التعاون مع مصر لضبط الحدود وإيقاف تهريب السلاح ومواجهة الفوضى والإرهاب، كما أوعز أمس إلى ميليشيات مسلحة باقتحام البرلمان ومنع انتخاب رئيس وزراء حتى تنتهي المخابرات القطرية بالتعاون مع نظيرتها التركية من نقل قادة "الإخوان" من الدوحة إلى طرابلس، وقد رصدت تقارير حركة طائرات قطرية مدنية وعسكرية على متنها قادة الإخوان تهبط في مطار ليبي دولي تُسيطر عليه ميليشيات إسلامية مُسلحة مدعومة من الدوحة.

ومع بدء تنفيذ المؤامرة القطرية الأميركية على مصر بصورة مختلفة، انطلاقا من ليبيا، التي تعاني أساسا من الفوضى والانفلات، بات لزاما على حكومتنا إغلاق الحدود مع ليبيا اتباعا لقول الله سبحانه وتعالى في سورة "المنافقون": "وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ".

والأمر نفسه يجب اتخاذه مع السودان وغزة، إذ تحظيان بدعم قطري لنشر الفوضى وإثارة الأزمات في مصر. كما تزامن نقل "الإخوان" إلى ليبيا مع تنسيق "تونسي، تركي، قطري" يقوده راشد الغنوشي، لأن من تضيق بهم ليبيا من "الإخوان" سيتم نقلهم إلى السودان أو تركيا أو غزة على أن تكون تونس الخيار الأخير، لأنها تخشى الغضب الخليجي ومنع المساعدات عنها في حال استقبلت "الإخوان" أو القرضاوي، بعد أن أوقفته قطر عن خطبة الجمعة منذ تسعة أسابيع إرضاء لدول مجلس التعاون الخليجي. 

مصر بانتظار قرار عاجل وحاسم بإغلاق الحدود مع من جعلوا بلدانهم منصات لتقويض أم الدنيا والتآمر عليها.

الجريدة الرسمية