رئيس التحرير
عصام كامل

اللاسامية مبالغ فيها


ثمة خرافة إسرائيلية تقول إن الكتب المدرسية الفلسطينية ملأى باللاسامية ضد اليهود وتحرض على قتلهم وتدمير إسرائيل. وهناك دجالون محترفون فى الكونجرس والميديا يروجون لهذه الخرافة بهدف تحويل الأنظار عن جرائم حكومة إسرائيل اليومية ضد الفلسطينيين.


هناك كتب عربية تتجاوز إسرائيل وحكومتها إلى مهاجمة اليهود حول العالم بطريقة عنصرية لا دفاع عنها، غير «أن الحال من بعضه» وهذا النوع من الكتب موجود عند طرفى النزاع. وإذا كان الرئيس المصرى محمد مرسى وصف اليهود سنة 2010 بأنهم منحدرون من قردة وخنازير ولا سلام معهم، فان الحاخام عوفايدا يوسف، عراب شاس الشريك فى حكومة إسرائيل، سبق الجميع إلى القول إن الرحمة بالعرب ممنوعة، وإن «أبو مازن وجميع هؤلاء الناس الأشرار يجب أن يزولوا من العالم، والله يجب أن يضربهم بطاعون هم والفلسطينيين».

هناك ناس أفضل كثيراً وقد كتبت مرتين قرب نهاية 2011 وفى أواسط السنة الماضية عن الدكتورة نوريت بيليد-الحنان، أستاذة اللغات والتعليم فى الجامعة العبرية وكتابها «فلسطين فى الكتب المدرسية الإسرائيلية: الأيديولوجية والبروباجندا فى التعليم» الذى تقول فيه إنها لم تجد فى مئات الكتب الإسرائيلية فقرة واحدة تتحدث عن العربى كأنه «إنسان طبيعي»، والكتب الإسرائيلية تقول إن قتل الفلسطينيين كان ضرورياً لضمان حياة الدولة اليهودية الناشئة، وتبرر مجزرة دير ياسين بأنها أدت إلى نزوح الفلسطينيين عن أرضهم ليحل اليهود محلهم.

البروفيسورة نوريت بيليد-الحنان داعية سلام بامتياز لم تتغير حتى بعد مقتل ابنتها الوحيدة سمادار فى عملية انتحارية فى القدس سنة 1997، وشقيقها ميكو داعية سلام مثلها.

هؤلاء الناس موجودون وثمة كثيرون مثلهم، والبروفسور بروس ويكسلر، أستاذ الشرف فى كلية الطب فى جامعة يال، من مؤسسى منظمة تسعى إلى التعاون بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كانت وراء تقرير أعده مجلس المؤسسات الدينية فى الأراضى المقدسة قال إن الكتب الفلسطينية والإسرائيلية تتحدث عن الطرف الآخر بصفته عدواً، إلا أن الكتب الفلسطينية لا تعلّم كره اليهود، والمادة التى يمكن الاعتراض عليها فى جميع الكتب قليلة ومحدودة.

اسمعوا معي، بروفيسور يهودى من جامعة يال اقترح التقرير ومجلس المؤسسات الدينية الذى يضم مسيحيين ومسلمين ويهوداً أشرف عليه، والتقرير شارك فى كتابته 19 باحثاً من أرقى نوع كانوا تحت إشراف البروفسور دانيال بار-يال من جامعة تل أبيب وسامى عدوان من جامعة بيرزيت.

من يعترض على كل هؤلاء وزارة تعليم إسرائيل، ووزيرها الليكودى جدعون ساعار، (أو مسعور) أى داعية حرب واحتلال وقتل وتدمير.

وأبقى مع موضوع طلاب السلام وأعدائه، وأنا انتقل إلى كلية بروكلن، وتحقيق كتبه غلين غرينفالد وهو صحافى ومحام أمريكى يعمل الآن لجريدة «الجارديان» اللندنية ويدل اسمه على أنه يهودي، تحت عنوان «الحرية الأكاديمية فى كلية بروكلن مهددة بسبب اجتماع عن إسرائيل».

الكاتب قال إن الأستاذ فى هارفارد الان ديرشوفيتز، وهو من خريجى كلية بروكلن، ودوف هيكيند، عضو جمعية «ولاية» بروكلن شنّا حملة ضد الكلية ورئيستها كارن غولد، وهذه يهودية أيضاً، وطالب الأول بمنع الجلسة لأنصار حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد إسرائيل فى مدرسة العلوم السياسية، وطالب الثانى باستقالة رئيسة الكلية. وهذا مع العلم أن المتحدثين فى الجلسة المعترض عليها هما الناشط الفلسطينى عمر برغوثى والفيلسوفة الأمريكية جوديث بتلر، وهى يهودية أيضاً. وكتب تود غيتلين فى «لوس أنجليس تايمز» مؤيداً الجلسة، وسجل أن ديرشوفيتز تكلم فى مدرسة العلوم السياسية سنة 2008، وكان وحده من دون محاضر آخر يعارضه. أما العنصرى هيكيند فقال يوماً إن الفلسطينيين يعبّدون الموت لأولادهم، وإسرائيل قتلت 1500 قاصر فلسطينى منذ 29/9/2000.

وربما زدت هنا أن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرجر، وهو يهودى أيضاً، أيد جلسة النقاش كجزء من حرية الرأى حتى وهو يعارض مقاطعة إسرائيل. وفى النهاية انتصر دعاة حرية الرأى فعقدت الجلسة، وكان هناك متظاهرون من أنصار إسرائيل فى الخارج، أى أبناء شوارع مثل دولة الجريمة المؤسساتية التى يدافعون عنها.

كما يرى القارئ، هناك يهود أمريكيون كثيرون يدعون إلى مقاطعة إسرائيل، أو يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، فاليهود الأمريكيون ليسوا كلهم ديرشوفيتز أو السناتور جو ليبرمان، والغالبية منهم يمكن الوصول إلى سلام معهم بسرعة.

نقلاً عن الحياة اللندنية

الجريدة الرسمية