عن "المنافقين" من الناصريين الذين التقوا السيسي!
فضلا عن عبدالحكيم عبد الناصر نجل الزعيم الخالد وهو ابن الرجل الذي قدم لهذا البلد وهذه الأمة ما قدم.. كان هناك عبد الحليم قنديل الذي رفع سقف المعارضة للنظام الأسبق وكانت حدود الانتقاد متاحة فقط عند الكثيرين لتتوقف عند رئيس الوزراء وبعضهم عند الوزراء، ومنهم من تتوقف حدود معارضته عند مديري العموم وظل ربما حتى الآن يستقل الأوتوبيس وسيلة مواصلات وحيدة ومتاحة.. ودفع الثمن غاليا من صحته ومن مستقبل أبنائه ومن مستقبله هو شخصيا مطاردا من صحيفة ومطرودا من أخرى !
وكان هناك معه المهندس محمد الأشقر.. الذي ولسنوات طويلة كنت لكي تلتقيه تنتظره أمام السجن.. لأنه إن خرج منه فهو في طريقه إلى سجن آخر.. وهو الاستشاري الهندسي الكبير الذي ينفق من جيبه الخاص على نضال أهالي حي الجيزة لا يطلب منهم في المقابل شيئا ولم نره وقد أوشك أو تجاوز الستين إلا في جهاد من بعد جهاد..
وكان هناك المحامي سيد عبد الغني.. قيادي ناصري بارز لا تراه ولن تراه أبدا يزاحم على أي مغنم أو مكسب.. يتقدم الصفوف في المظاهرات ويتوارى عند ما عداها.. وكان هناك الدكتور صفوت حاتم.. استشاري جراحة كبير ومعروف.. وكاتب ومثقف من عجينه مختلفة.. أثرت دراسته في فرنسا على جدية تفكيره وتنظيم فكره وعقله.. والشبه كبير بينه وبين صديقه سيد عبد الغني.. ولا تزال دراسته في كتاب عبد الحليم قنديل الشهير "الناصرية والإسلام " الأبرز من بين عشرات الدراسات.. وكانت بينهم نور الهدي زكي الكاتبة الصحفية.. كتبت عنها قبل اليوم قلت لا تراها إلا في مظاهرة أو احتجاج.. أو سعيا لمصلحة فقير هنا.. أو مظلوم هناك.. وكان بينهم أحمد الكيلاني ثائر السويس الشجاع.. محام بارز.. وناشط معروف.. مبكرا جدا وهو يقف وبجدية ضد المؤامرة على جيش مصر.. وهو من يقطع الطريق بين السويس والقاهرة ذهابا وإيابا كل يوم وكل أسبوع أو كل حين.. من أجل مصر أفضل وأجمل.. وكان معهم محمد عوض.. طبيب بارز في المنصورة.. يجمع بين الطب والسياسة ونجح فيهما.. ثقافة رفيعة وسمعة طيبة والتفاف شعبي حوله من شباب رائع بالدقهلية!
هؤلاء.. كانوا أمس مثارا للسخرية.. وأهلا للطعن والاستهزاء.. وهؤلاء - بكل أسي وأسف - تحولوا فجأة إلى أبالسة وشياطين تستحق الرجم بعد أن كانوا قبل أشهر عكس ذلك تماما واتهموهم بالنفاق والسعي للمناصب والتقرب للحاكم المحتمل وقد كان أمامهم سابقا كل شيء ولم يغرهم في السابق أي شيء..!! والسبب أنهم اختاروا وقرروا عكس ما رآه البعض.. وعكس ما قرروه.. ومارسوا حقهم الطبيعي في تقرير مصيرهم الشخصي واختيار ما يرونه صوابا.. مارسوا حقهم في التعبير.. لكن ما مارسوه وقرروه كشف بوضوح أن التهجم والهجوم على ضيوف ومؤيدي السيسي ليس لما يقولون عنهم.. إنما التربص بهم للتربص بالسيسي نفسه.. وليس لأسباب موضوعية.. وإلا ما الداعي للتهجم على من ذكرناهم؟
على كل حال.. استطاعوا أن يشغلونا بزوار السيسي عما قاله السيسي لزواره.. وفيما قاله - وهو مهم - ما يبدد مخاوف.. وما ينهي هواجس.. وما يجيب عن تساؤلات.. ومع ذلك.. ورغم ذلك شغلونا بالشخصي عن الموضوعي وبالذاتي عن العام ولا حول ولا قوة إلا بالله!!