رئيس التحرير
عصام كامل

صراع الأجنحة يحيط بالعرش الملكى السعودى


لم يكن تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائبا ثانيا لرئيس الوزراء، وهو المنصب الثالث من حيث الأهمية فى المملكة، ليمر بشكل عادى بين أروقة القصر الملكى وفى أوساط أمراء آل سعود، حيث جاء هذا الاختيار ليثير التساؤلات من جديد حول من سيحكم المملكة العربية السعودية فى المستقبل، وهى خطوة غير متوقعة وتلقى بالضوء على السياسة والإجراءات المعقدة المحيطة بالخلافة السعودية.

والأمير مقرن هو الابن الأصغر من أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود، وجاء منصبه فى المرتبة الثالثة من حيث ترشيحات الحكم، وذلك بعد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والأمير سلمان بن عبدالعزيز، وكلاهما يعانيان من أمراض كثيرة وسبق للعاهل السعودى الملك عبدالله أن أجرى عملية جراحية مؤخرا فى ظهره، ما جعل من الضرورى التعجيل بوضع آلية محددة لخلافته.
وجاء اختياره ليربك المحللين، خاصة أن أحدا لا يعرف حتى الآن الأسباب التى أدت لإقالته من منصبه كرئيس للاستخبارات العامة والذى تولاه خلفا لأخيه الأمير نواف، وظل فيه حتى 19 يوليو 2012 عندما عين مستشارا للملك ومبعوثا خاصا له، كما أنه يفتقد القوة والشجاعة والحماسة اللازمة للتصدى لنظام بشار الأسد، وللنظام الإيرانى، لكن البعض يرى أن تلك الفرضية خاطئة وأن خبرته فى ولاية الاستخبارات السعودية ستمكنه من معرفة أدق التفاصيل اللازمة لمواجهة المحاولات الإيرانية لفرض نفوذها وسيطرتها على المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيير يأتى بعد ثلاثة أشهر فقط من ترقية الأمير محمد بن نايف، فى منصب وزير الداخلية، وهو منصب هام فى الملكة العربية السعودية، ما جعل البعض يعتقد أن بن نايف سيكون ملكا للسعودية فى المستقبل، حتى إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما التقى به خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، وهى ميزة لا يحظى بها سوى كبار المسئولين الأجانب، وبالتالى نظر إليها على نطاق واسع على أنها بمثابة موافقة أمريكية على احتمالات ولاية بن نايف للعرش السعودى، خاصة أن صعود بن نايف تزامن مع مطالب داخل العائلة المالكة فى السعودية بضرورة منح أحفاد بن عبدالعزيز فرصة لدخول دائرة ولاية العهد، وتحديدا بعد وفاة العديد من أبناء عبدالعزيز، لكن العائلة المالكة على ما يبدو لم تكن قادرة على الاتفاق على أن هذا التحول يجب أن يحدث.
ومن بين الصعوبات التى يواجهها احتمالات ولاية مقرن للعهد هو الافتراض العام بضورة أن يكون ولى العهد من أم سعودية، بينما والدة مقرن من أصول يمنية.
وهناك أيضاً هيئة البيعة، وهى هيئة سعودية تعنى باختيار الملك وولى العهد السعودى وتتكون من أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز آل سعود، وقد أسست الهيئة فى 20 أكتوبر 2006، وبالتالى فلن يكون بوسع الأمير مقرن المرور إلى ولاية العهد بمعزل عنها، وإن كان البعض يرى أنه لن يستطيع أحد منع الملك عبدالله بن عبدالعزيز من إلغاء هيئة البيعة إذا أراد ذلك، وأن يحدد بنفسه من سيكونون خلفاءه فى ولاية العرش.
وفوق هذا كله يبقى أن "الحديث عن المناصب فى نظام الحكم السعودى أمر يتجاوز دائرة العائلة الحاكمة وصراع الأجنحة فيها، ويرتبط بالوضع الإقليمى والدولى، وهناك العديد من السيناريوهات التى وجدت لها صدى خارج جدران القصور الملكية، ومنها أن يكون هناك اتفاق قد تم بين الملك عبدالله والأمير مقرن بحيث يكون مقرن ولياً للعهد، بينما يكون التالى له فى ولاية العهد الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، الابن الأكبر للملك عبد الله وهى خطوة ستجعل من أسرار العرش السعودى مثاراً لاهتمام العالم بالمناورات التى ستجرى خلف القصورة الملكية لعائلة آل سعود.
•نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط
الجريدة الرسمية