يسألون عن.... قل..!!
في هذه الأيام تزداد الأسئلة، الجميع يسأل الجميع ولا توجد إجابة واضحة وشافية عند أحد، والجميع يعرف أن للأسئلة أجوبة واضحة، لكن أحدا لا يستطيع تفسيرها، وربما لا يجرؤ أن ينطق بها خوفا من أن يدخل قفص الاتهام بتهمة جاهزة، حيث لكل مرحلة شعاراتها ولكل مرحلة تهمها، ولأننا نعيش مرحلة الأسئلة الصعبة لا أملك غير محاولة الإجابة عن بعضها باختصار غير مخل وبلا ملل.
_ يسألونك عن الأخلاق.. قل ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ) ونحن بلا فخر ذهبت أخلاقنا منذ 25 يناير ولم تعد حتى الآن، وأظن أنها لن تعود قريبا !!
_ ويسألونك عن الوطنية والانتماء.. قل ضاعا مع تراجع دور المدرسة والمعلم واختفاء مناهج التربية الوطنية، وتقديم التاريخ حسب الهوى والمزاج ومع تدهور حال الثقافة واهتمام المثقفون بأشياء أخرى كالمال والمناصب وصحبة الحكام !!
_ ويسألونك عن المدارس.. قل هي سجون يخرج نزلاؤها كل يوم ليعودوا إلى بيوتهم بلا تعليم أو نشاط رياضي أو ثقافي أو حتى تدبير منزلي !!
_ ويسألونك عن العنف في المدارس.. قل أصبح ظاهرة تحتاج إلى دراسة وحلول لها علاقة بإعادة تأهيل وصياغة البشر !!
_ ويسألونك عن هيبة المدرس أو المعلم كما أحب أن يطلق عليه.. قل ضاعت عندما قرر أن يدخر جهده وعلمه ليعطيهما لطلبته في الدرس الخصوصي، ففقد احترام طالب الفصل وتجرأ عليه طالب الدرس الخصوصي، الذي يدفع له ثمن الحصة وكسر عينه !!
_ ويسألونك عن البطالة في فئات من المجتمع دون غيرها.. قل بسبب تعدد أنواع التعليم في البلاد مثل التعليم الحكومي الذي لا يقدم تعليما، والتعليم التجريبي الذي صار مثل التعليم الحكومي، والتعليم في المدارس الإسلامية ( الإخوانية )، التي تقدم تعليما فيه من التطرف والأفكار التي تطمس الهوية الوطنية الكثير، فلا وقوف للسلام الوطني ولا تحية وهتاف للعلم، الذي يرفرف فوق مبنى المدرسة إن وجد، والتعليم في المدارس الدولية بكل أنواعها، حيث تتراجع دراسة التاريخ المصري والهوية المصرية فيكون الطلب على هؤلاء دون غيرهم من خريجي مدارس وجامعات الحكومة!!
_ ويسألونك عن فساد المجتمع.. قل زاد الفساد في البر والبحر والجو بسبب تراجع التعليم أحيانا وغيابه أحيانا أكثر، وبسبب تراجع الأخلاق وتدني القيم السائدة بين الناس، وبسبب سياسة الإفقار المنهجي منذ سنوات وحتى الآن !!
_ ويسألونك عن الدعم.. قل هو للأغنياء أكثر من الفقراء.. بل هناك دعم لا يعرفه الفقراء على الإطلاق مثل دعم البنزين والغاز الطبيعي وهما يشكلان أعلي نسبة من حجم الدعم كله !!
_ ويسألونك عن صحة المصريين.. قل من يملك المال يستطيع علاج نفسه ومن لا يملك المال يظل مريضا حتى يفارق الحياة وإن كتب الله له الحياة يعيشها عليلا معلولا.. !!
_ ويسألونك عن القانون.. قل هو غالبا في إجازة ويتم استدعاؤه عند الطلب والضرورة.. فهناك قانون للأغنياء وأصحاب الجاه والسلطة، وهناك قانون للفقراء والغلابة ولذلك تجد السجون تعج بالغارمات والغارمين بسبب ملاليم، وتجد الفنادق الكبرى والقرى السياحية والتجمعات السكنية الفاخرة تعج بأصحاب الملايين الهاربين بأموال البنوك !!
- ويسألونك عن إعلام الدولة.. قل يغط في نوم عميق، وعندما يفيق يتوه منه الطريق فلا يجد غير العودة إلى الصندوق القديم !!
- ويسألونك عن الإعلام الخاص.. قل يبحث في كثير من قضايا المسخ الفكري والإثارة أكثر مما يبحث في قضايا الوطن من خلال أجندات متنوعة!!
_ ويسألونك عن مشايخ هذا الزمان.. قل بعضهم كانوا من أصحاب غزوة الصناديق، واستفتاء الجنة والنار، وهؤلاء ظنوا أن الدنيا دانت لهم وأن العباد لاذوا بهم، لذلك يسعي إليهم الإعلام وتلهث وراءهم الكاميرات، والبعض الآخر مشايخ ثقاة يجادلون بالتي هي أحسن لذلك لا تراهم الفضائيات !!
- هذا قليل من كثير نسأل به أنفسنا كل صباح ومساء، وكلنا نعرف السبب فيما وصلنا إليه، ومع ذلك تظل علامات الاستفهام كما هي لا تترك مكانها ونظل نحن ننتظر الأجوبة التي لا تأتي أبدا.