جديد (الصحوة) الإسلامية.. لا جديد
مصطلح (الصحوة الإسلامية) ليس بالجديد، فهو اصطلاح قديم استخدم للمرة الأولى نهاية القرن التاسع عشر.. حيث يقول الأمير شكيب أرسلان في كتاب (حاضر العالم الإسلامي) الصادر بداية القرن العشرين: المسلمون اليوم هم في دور النهضة والانتقال والتجدد يستردون مجدهم الإسلامي الفائت ويستعيدون عزهم التليد..
حيث قال السير تيودور موريسون (ليس من مسلم يعتقد أن الحضارة الإسلامية فانية أو غير متجددة مترقية، إنما يعتقد أنه قد عرتها قهقرى قصيرة فحسب، كما يعتقد المسلمون اليوم أن العالم الإسلامي سائر في طريق استئناف الارتقاء).
يعتقد (الإسلاميون) أن مناهجهم قادرة على إعادة مجدنا التليد الذي عرته قهقرى قصيرة وسيعود كل شيء على أيديهم ليصبح تمام التمام (فاصل ونواصل) !!
أحد هؤلاء الذين ركبوا موجة (اليقظة أو الجامعة الإسلامية) كان السلطان العثماني عبد الحميد الذي ارتقى إلى العرش سنة 1876م، والعهدة على ذات المصدر، فقد اختطّ الخطط لتحقيق مشروعه حيث ألغى مجلس النواب وجعل نفسه السلطان المطلق لا تعلو يده يد، له الأمر والنهي وحده، فتذرع بالخلافة لبلوغ أغراضه السياسية فأعلن للملأ أنه فوق كونه سلطانا للدولة العثمانية فهو خليفة المسلمين وأخذ يستصرخ الأمم الإسلامية في شتى بقاع الأرض لتمد يد العون إليه، وكان منذ عهد بعيد يدبر أمور نشر الدعوة للجامعة الإسلامية بوسائل شتى فغدت القسطنطينية مكة الثانية يلوذ بها جميع "ذادة الإسلام" المشتهرين بأعمال المقاومة للدول الغربية مثل جمال الدين الأفغاني وأقرانه ومنها صارت توفد الوفود وترسل الرسائل لجميع الأقطار الإسلامية حاملة رسالة الخليفة ألا وهي الأمل المحقق في النجاة من خطر حكم الفرنجة الكافرين.
طبعا لا بأس أن نذكر أن عبد الحميد خليفة المسلمين لم ير بأسا أثناء خلافته المشئومة أن يساعد الفرنجة الكافرين في احتلال مصر عام 1882م فهذه نقرة، وتلك نقرة.
الصحوة أو اليقظة أو الجامعة الإسلامية كانت محاولة لتأخير السقوط النهائي للدولة العثمانية بعد أن أحاطت بها التهديدات الغربية ولم يكن ثمة بد من استنفار المسلمين للدفاع عن الأتراك الذين طلموا قهروهم واستكبروا عليهم، إنها صرخات لم تجدِ نفعا ولم تمنع القدر المحتوم.
وبينما كانت الصحوة أو اليقظة تشكل وقتها محاولة للصمود في وجه الغرب، فـ (الصحوة الإسلامية) الآن جلها إن لم يكن كلها، تدار من قبل البنتاجون ولا هَمّ لها إلا قتل أكبر عدد ممكن من المسلمين الذين لا يركعون ولا يسجدون للغرب وعملائه في المنطقة.
ما الجديد إذًا؟!.... لا جديد.