قنبلة التريليونية تهدد الاقتصاد الأوربي بالانهيار.. أيرلندا تغادر صندوق اليورو بعد ارتفاع ديونها لـ400% من الناتج المحلي.. إسبانيا مدينة بـ 2.5 ترليون يورو.. وشطب الديون بنسبة 30 % أفضل»
رغم أن مكتب الإحصاء الأوربي يشير إلى تعافى الاقتصاد الأوربي ولو بشكل بطيء، يستمر تراكم الديون الإجمالية، وتشمل تلك الديون القطاعات الحكومية والخاصة، فهل تساهم عملية إسقاط الديون عن الدول في تصحيح الأوضاع؟.
يرى دانيال ستلتر، المستشار المالي والخبير في الأزمات المالية، أن ما نعيشه منذ سنوات، ليس أزمة بنوك أو أزمة ديون سيادية، وإنما أزمة ديون في جميع أنحاء العالم الغربي، وذكر ستلتر في كتابه "قنبلة الديون التريليونية" إنه منذ عام 1980 تضاعت ديون الحكومات والشركات والأسر من مستوى 160 إلى نحو 320% من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن لماذا وقعت الدول والأفراد في تلك الديون بهذا الشكل المفرط؟ وفقا لستلتر فإن حدوث ذلك كان نتيجة سياسة اقتصادية ونقدية خاطئة.
فبعد سقوط جدار برلين وانضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية وجدت الدول الصناعية نفسها تحت ضغوط تكلفة هائلة، قادمة من آسيا بصفة خاصة، وبدلاً من الاستثمار في التعليم والابتكار، اختار السياسيون والمواطنون أسهل الطرق والذي تجلى في نهج طريق الديون.
وبينما يحقق الأمريكيون حلمهم في امتلاك منزل خاص من خلال القروض الائتمانية، تقوم أوربا بتمويل نظام دولة الرفاهية من خلال الائتمان.
إغراءات الفائدة المنخفضة
العملة الأوربية الموحدة هي الأخرى، وحتى قبل انطلاقها بشكل رسمي، عززت أيضاً "عربدة الديون"، لا سيما في بلدان جنوب أوربا، ويقول هانز فيرنر سين، رئيس معهد آي إف أو للأبحاث الاقتصادية: "تم الإعلان عن اليورو في عام 1995 خلال قمة مدريد، وبعدها بعامين تقريبا انخفضت عملياً أسعار الفائدة إلى المستوى الألماني، وبعد ذلك انطلقت عمليات الاستدانة وارتفعت الأجور بشكل أقوى من الإنتاجية".
سارت الأمور بشكل جيد طالما أن الأسواق المالية كانت دوماً على استعداد لتوفير قروض جديدة، غير أنه في عام 2007 انفجرت فقاعة العقارات والائتمان، بداية في الولايات المتحدة ثم في أوربا، وعندما هددت الديون السيادية اليونانية بالانتقال إلى كل منطقة اليورو، انتشر تداول مصطلح "أزمة الديون السيادية"، في هذا الموضوع كانت اليونان حالة استثنائية على الأرجح، حسب ما يقول موريتس شولاريك من جامعة بون في حوار مع DW، والذي يرى أن الأزمة في أيرلندا وإسبانيا، على سبيل المثال، لم ترتبط بالديون السيادية ويضيف: "كانت تلك فقاعات عقارية تقليدية تماماً، تم تمويلها بقروض كثيرة، بعضها من الخارج، فانفجرت في لحظة ما".
ديون الأفراد أصعب من ديون الدول
ورغم أن مستوى الدين السيادي في كلا البلدين (إسبانيا وأيرلندا) ارتفع بسرعة كبيرة من خلال إنقاذ البنوك، إلا أن الديون الخاصة ما تزال تشكل نصيب الأسد من إجمالي الديون، فمجموع ديون إسبانيا 2.5 ترليون يورو، أكثر من 70 % منها يأتي من القطاع الخاص.
أما أيرلندا التي غادرت بالفعل صندوق إنقاذ اليورو، فإن ديونها بنسبة 400% من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن أكثر من ثلثي هذه الديون يأتي من القطاع الخاص، وبعبارة أخرى فإن الخطر الأكبر يكمن في القطاع الخاص، وهذه النتيجة توصلت إليها أيضاً دراسة أجراها فريق برئاسة الخبير الاقتصادي موريتس شولاريك، حيث بحث الفريق 90 أزمة من الأزمات المالية التي حدثت منذ عام 1870، ويقول شولاريك: "الأزمات المالية وانهيار النظام المالي تحدث في العادة، كما نجد الآن، بسبب دورات الديون في القطاع الخاص".
تشخيص خاطئ وعلاج خاطئ؟
التشخيص السائد حتى الآن هو أن البلدان المثقلة بالديون هي وحدها المتسبب في الفوضى الكاملة، وبناء عليه فإن علاج ذلك يجب أن يتم من خلال التقشف، بهدف خفض الديون الوطنية، فهل هذا علاج خاطئ لتشخيص خاطئ؟
حتى الآن تثقل تدابير التقشف كاهل النمو وتعيق أيضا عملية سداد الديون، حسب ما يقول الخبير في شئون الديون دانيل ستيلتر، وبالمقابل، فإن الاستدانة مجددًا لا تساعد على الخروج من فخ الديون وفي رأيه، فإن ما يمكن القيام به هنا هو التوجه فقط نحو عملية شطب ضخمة للديون، ويقترح ستيتلر على البلدان الواقعة في الأزمة، شطب الديون بمقدار 30 %من الناتج الاقتصادي.
غير أن موريتس شولاريك يرى أن مستوى هذه النسبة لن تنفع إلا عند الحديث عن اليونان ويقول: "القيام بذلك مسألة معقولة اقتصادياً، لأن القيام بخلاف ذلك سيجعل اليونان على مدى عقود عديدة في مواجهة شرسة مع مخاطر الفشل بسبب تلك الديون شديدة الارتفاع".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل
اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل