الرئيس يحصن الفساد بقرار
عن القرار بقانون الذي أصدره المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية الثلاثاء الماضى بتحصين العقود المبرمة بين الدولة أو أحد أجهزتها وبين المستثمرين ضد الطعن من طرف ثالث.. أتحدث.
فالقرار الذي يلغى كل إجراءات الطعون الحالية ضد العقود التي أبرمت أو سوف تبرم مستقبلا على ما يخص ممتلكات أو أموال أو كل ما يخص الدولة أو شركاتها يمثل تحصينا للفساد، لأن طرفى العقد بكل تأكيد لن يقوما بالطعن على ما قاما بإبرامه من عقود وإلا لكنا نطلب ممن يرتكبون الجرائم أن يُتركوا لضمائرهم وأن الإجراء الوحيد لمحاسبتهم أن يقدموا وثيقة إدانتهم ويقدموا أنفسهم للعدالة. خاصة أولئك الذين يمثلون الهيئات أو الشركات التي تساهم فيها الدولة.
وأشير هنا إلى عقد توشكى مع الوليد بن طلال والذي ألغى بناء على دعوى قضائية من طرف ثالث في الماضى والذي ثبت أنه يمس الأمن القومى المصرى ويهدر حقوق الدولة، ولولا هذه الدعوى التي صدر بناء عليها حكم ببطلان العقد لضاع على الدولة 75 ألف فدان ولما تم تعديل العقد الذي كان ينص على إعفاء سفن وطائرات الأمير السعودى من الخضوع للحجر الصحى والبيطرى والزراعى وغيرها من أمور تمس الأمن القومى المصرى.
أيضا لكان عقد تصدير الغاز لإسرائيل محصنا ولما صدر حكم بإلغائه. لو كان قد صدر أيضا هذا القرار في عهد مبارك لما ثبتت العقود الفاسدة في صفقات بيع القطاع العام مثل المراجل البخارية وعمر أفندى وغيرهما من ممتلكات الدولة ولكان فسادها محصنا بمثل هذا القرار العجيب، الذي يضع عشرات من علامات الاستفهام عليه، وربما نكتشف أن هذا القرار يمثل حصانة لفساد عقود أبرمها الإخوان أنفسهم أثناء فترة حكمهم حتى ولو كانت ببيع مصر وفيما يخص محور قناة السويس وغيرها والتي ربما لم نعلم عنها شيئا حتى الآن. أو عقود من نفس النوع قد أبرمها النظام الانتقالى الحالى.
هناك أيضا عشرات العقود التي أبرمت بين الدولة وهى تسهل للمستثمرين الاستيلاء على أموال وممتلكات، وبالتالى كأن الرئيس عدلي منصور يريد أن يحصن الفساد على طريقة محمد مرسي الذي أراد أن يحصن قراراته بالإعلان الدستورى الذي كان السبب الرئيس في إسقاط حكم الإخوان.
ومع الفارق فقرار منصور بقانون يحصن كل العقود التي ربما تبرم من جانب الحكومة أو من يمثلها مع مستثمرين حتى لو كانت فاسدة، ولأن كل الطعون من المستحيل أن يكون لها أي قيمة في حالة أن تكون على عقود سليمة، وبالتالى لماذا يكون هناك تحصين لتلك العقود في كل الأحوال؟
نحتاج إلى تبرير للقرار العجيب الذي أصدره رئيس الجمهورية إلا إذا كان، وهو من جاء لمقعد الرئاسة عبر رئاسة المحكمة الدستورية العليا، لا يثق بأحكام القضاء الذي كان يتربع على قمة هرمه.