مبدأ منصور والسياسة الدولية لمصر
قال الرئيس عدلي منصور بالأمس في خطابه بمناسبة عيد تحرير سيناء، ما يلي:
"لن تسمح مصر بتهديد أمنها القومي، ولن تسمح لأي قوىً تسعى لبسط نفوذها أو مُخططاتها على العالم العربي بأن تُحقق مآربها".
لقد عبرت تلك الجُملة، ودونما شك، عن "مبدأ مصري في السياسة الخارجية المصرية"، ينطوي في حد ذاته، على عصر من القوة المصرية القادمة، التي أعلنت عن نفسها مرارًا، وفي هذا الخطاب أكثر مما قبله. ففي تلك الجُملة تحذير وتحد واضح لا محالة، للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ومشروعهما المُكنى بـ"الشرق الأوسط الكبير"، وفيها تحذير لإيران على شواطئ الخليج العربي، وفيها تربص بما تفعله تُركيا على حدود سوريا وفيها إنذار لما تحيكه بعض الدول الأوربية ووُكلائها من جماعات إرهابية، حيال المغرب العربي أو السودان، بغض النظر عن سيطرة بعض الفصائل غير المُحبذة لمصر، في أي دولة مجاورة.
إنه استكمال لرسالة "التضامن والوحدة العربية"، وإرساء "مبدأ مصري"، مؤداه أن "العالم العربي، هو منطقة نفوذ مصرية"، مثلما أرست الولايات المتحدة، "مبدأ مونرو" في عام 1823، الذي مؤداه أن "القارتين الأمريكتين، هما منطقة نفوذ أمريكية، لن تسمح الولايات المتحدة، من أن تُهددهما، أي قوى أُخرى".
إلا أن تلك السياسة المصرية، "لإعادة تشكيل الشرق الأوسط"، لم تبدأ في التو واللحظة، ولكنها لطالما أخذت من مصر الجُهد والعرق، فيما أُطلق أنا عليه "حرب الأربعين عامًا الباردة"، والتي خدعت فيها مصر الغرب، في إطار حرب "الإرادات" لتحقيق ما تصبو إليه، حينما أدركت مصر من درس محمد على باشا وهزيمة يونيو، أن ما تُريده من وحدة وتصاف عربي، لن يحدث بالطريق المُباشر، ويجب المواجهة، بشكل غير مُباشر، من خلال العمل على التقارب "الشكلي" مع الغرب واستغلال أي منفعة تأتي من خلاله، دونما المساس بالمصلحة العُليا المصرية.
وربما أبلغ تعبير عن هذا، ما قام به الغرب من اغتيال السادات من خلال وكلاء الغرب أو عملائه من "تجار الدين" أو ما حدث مع الرئيس مبارك من "صناعة المؤامرة ضده بسبب سياساته الوطنية". وكان استكمال المشير طنطاوي و"مجلسه الأعلى للقوات المسلحة" لتلك السياسة واضحا لمن راقب عن كثب الخديعة التي صيغت في 2011 و2012، حينما "أقنع المجلس الأعلى للقوات المُسلحة" الغرب بأنه نجح في إسقاط مصر، بينما كانت "كل أجهزة الدولة السرية، وعلى رأسها المخابرات العامة" تعمل على "تنظيف" الدولة من أجهزة المخابرات التي اخترقت البلاد، لتتبعها و"تجمع حولها المعلومات"، ثم "ليُعد" الفريق عبد الفتاح السيسي - الذي أصبح مُشيرًا مع بزوغ النصر، الجبهة الداخلية في عصر الجاسوس مرسي الإخواني، الساحة للحرب، ثم لتُشن الحرب بالفعل، بإقالة مرسي من الحكم، وفقًا لإرادة الشعب المصري، ثم لتبدأ وتيرتها بعنف، في أعقاب فض اعتصامي الإخوان في ميداني رابعة والنهضة.
لم يكن الأمر سهلًا، ولكنه تم بانتهاج سلاح الضعيف وهو "الخديعة". وقد ظن الغرب أنه من نال منا على مدى السنوات منذ هزيمة 1967، بينما كانت الحقيقة أن مصر كانت تخوض "حرب خديعة" للوصول إلى تلك النقطة التي نحياها اليوم، من إملاء مبدأها على كل من يتدخل في "منطقة نفوذها"، في العالم العربي!!
لقد استخدمنا الغرب وفقًا لسياسته، لتحقيق مصالحنا. فلما هجم الغرب علينا، وجاءت ساعة الحرب بإرادة هذا الغرب، وظن أنه نال منا، كانت ساعة العمل، فحاربنا وأبلينا بلاءً حسنًا، وننتصر اليوم بإزالة آثار العدوان المتمثل في "نكسة 25 يناير الإخوانية"، وجاء وقت الإعلان عن قوتنا اليوم، بتحد وتحذير من لا يرى مشهد نصر مصر جيدًا!!
إنها مصر، التي لا تُفرط أبدًا في إرادتها ولا تنسى المعتدي أو الخائن،
كل عام وكل المصريين والعرب بخير، وتحيا مصر مُستعيدة وحدة العرب.