رئيس التحرير
عصام كامل

عودة الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا.. الأزمة السورية أشعلتها.. وأوكرانيا بداية الخلافات.. العقوبات تؤدي لخفض قيمة العملة الروسية.. وتمويل السعودية لصفقة الأسلحة بين القاهرة وموسكو أربك حسابات واشنطن


منذ بداية الحرب الأهلية السورية، وعادت للأذهان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، وكان البعض يعتقد أن الحرب انتهت ولكن مع التوترات التي شهدتها أوكرانيا، جعلت الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن تطفو على سطح الأزمات العالمية، بعد استيلاء الكرملين على شبه جزيرة القرم، وعلى الرغم من الإدانات الدولية بانتهاك سيادة أوكرانيا لروسيا.


قال مارك كرامير مدير دراسات الحرب الباردة بجامعة هارفارد الأمريكية: إن تدخل موسكو في أوكرانيا يعيد أجواء العداوات القديمة ويشعل الحديث عن حرب باردة جديدة، حيث يلعب فلاديمير بوتين الضابط السابق في المخابرات السوفييتة "كي جي بي" دور أحدث أعداء الغرب في موسكو، ومن الواضح أن بوتين يرغب في تسميم العلاقات الروسية - الأمريكية، لكن المخاوف من حرب باردة جديدة مجرد أوهام.

روسيا تضم شبه جزيرة القرم
وترى صحيفة التليجراف البريطانية، أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ما هو إلا سيطرة على الأرض والسلطة بحجة الهوية العرقية لسكانها، وهي نفس الحجج التي استخدمت في مواجهات النصف الثاني من القرن العشرين، وأن انتزاع شبه جزيرة القرم من أوكرانيا ربما يرجع إلى النزعة الاحتلالية المتأصلة في الشخصية البشرية، وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة، إلا أن هناك الكثير من الأمور ما زالت معلقة.

منذ إجراء الاستفتاء على ضم شبه جزيرة القرم، وسعت الولايات المتحدة بتطبيق عقوبات على روسيا لانتهاك سيادة دولة أوربية، وفرضت واشنطن والاتحاد الأوربي عقوبات شملت حظر إصدار تأشيرات الدخول وتجميد الأصول لعدد صغير من الأفراد، ومن بينهم مسئولون حكوميون روس وزعماء انفصاليون في شبه جزيرة القرم، ثم وسعت الإدارة الأمريكية عقوباتها لتشمل 20 شخصا آخرين بعضهم مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفرضت أيضا عقوبات على بنك روسيا الروسي الذي له أرصدة بعشرة مليارات دولار، وسيمنع البنك من التعامل مع النظام المصرفي الأمريكي.

تحذير للمستثمرين
وحذر مديرو صناديق أمريكيون من مخاطر قد يواجهها المساهمون جراء فرض عقوبات غربية على روسيا، ما يتسبب في مشاكل لمستثمري الأسواق الناشئة بسبب الأزمة الأوكرانية، فإن إشعارات تلقتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تشير إلى مشاكل محتملة لصناديق من بينها صندوق (آي. أن. جي روسيا) البالغ قيمته 124.6 مليون دولار، وصندوق (اس. اس. جي. ايه) للأسواق الناشئة البالغ قيمته 841.1 مليون دولار وعدد من صناديق المؤشرات لشركة "بلاك روك".

وكان صندوق "اس. أي. جي. ايه" أصدر إشعارا، بأن أي عقوبات حالية قد يفرضها الاتحاد الأوربي وواشنطن، ستؤدي إلى خفض قيمة العملة الروسية وخفض التصنيف الائتماني لموسكو مما يؤدي إلى تراجع قيمة الأسهم الروسية ويؤثر على سيولتها وقد تؤدي لتجميد أوراق مالية روسية، وفقا لوكالة "رويترز".

من جانبها فرضت روسيا عقوبات ضد 9 مسئولين ومشرعين أمريكيين، ردا على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها مع تصاعد التوتر بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وحذرت الغرب من أنها سترد على "كل ضربة معادية".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جين بساكي: "يرجح أن تفرض العقوبات الأمريكية الإضافية على روسيا على شخصيات مؤثرة أو شركات في قطاعات الأعمال، مثل الطاقة والهندسة والخدمات المالية، وفق ما جاء في الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في مارس الماضي وكل الأمور مطروحة على الطاولة لمناقشتها".

ونقلت شبكه SWISSINFO السويسرية عن المحلل السياسي الروسي ديمتري ترينين: "أهلًا بالحرب الباردة الثانية، التطورات الأخيرة وضعت حدًا للشراكة والتعاون بين الغرب وروسيا".

بينما قال كونستانز شتيلسنمو زميل بصندوق مارشال الألماني للأبحاث: "نحن الآن على مشارف منافسة ممنهجة، لذلك أعتقد أن الحرب الباردة قادمة لا محالة".

صفقة الأسلحة بين مصر وروسيا
من جانب آخر رأى محللون أمريكيون، أن تعزيز العلاقات بين مصر وروسيا يشعل الحرب الباردة، وقال ميشل دان محلل في مؤسسة كارنيجي: "إن دعم أوباما للإخوان الإرهابيين أغضب حلفاء مصر من دول الخليج، الذين يرون الإخوان وحلفاءها المتطرفين بالمنطقة يشكّلون تهديدًا للأنظمة الخاصة بهم، الأمر الذي انعكس بدوره إيجابًا على روسيا التي وجدت في الشرخ الذي حدث في العلاقات المصرية - الأمريكية فرصة لتعزيز علاقاتها معها".

وأضاف دان: أن بوتين يحاول تعزيز الدور الروسي في الشئون الخارجية على المسرح السياسي وإحياء روح التنافس بين البلدين مثلما كان في الحرب الباردة.

ويري دان أن التوترات الناشئة بين الولايات المتحدة ودول الخليج ساهمت في الدفع بصفقة الأسلحة الروسية - المصرية التي مولتها المملكة العربية السعودية والإمارات، ما يجعل هذا التمويل بمثابة أصبع وضعته السعودية في عين واشنطن.

وفي ظل الحرب الباردة تسعى روسيا للتفوق على واشنطن بالتسلح، وأجرت العديد من التجارب والاختبارات في أحد المعاهد العسكرية في ضواحي موسكو لتصميم سلاح جديد يمكن أن يغرق الولايات المتحدة من على بعد ويعرف السلاح باسم "سلاح المستقبل".

وتم تصميم سلاح المستقبل ليكون صاروخا باليستيا يطلق عليه "البركان - فولكان"، يمكنه أن يدمر أطنان من الجليد وإذابتها في دقائق، حيث كان من الصعب ابتكار متفجرات تحترق في الماء وتخلق في الوقت ذاته درجة حرارة هائلة لفترة طويلة.

في الوقت الذي تحاول فيه اليابان خلق فيروسات إلكترونية ومحاولة الناتو لشن هجوم على روسيا، تستطيع موسكو إغراق هذه الدول فالعالم يقف عتبة الحروب الإعلامية والكوارث الاصطناعية.
الجريدة الرسمية