رئيس التحرير
عصام كامل

سرقة الأفلام .. أم سرقة حبل الغسيل (1)


عن سرقة نسخة "على جثتى" أتحدث
مشهد ١- زقاق مظلم .. رجل مريب الملامح يرتدى السواد.. يفتح مخزنا يبدو مريباً ويبيعك تليفون محمول آخر موديل بربع الثمن.. تعرف فى قرارة ذاتك أنه مسروق فهو بدون علبة وبدون ضمان ومخدوش.. ولكن فارق السعر ورغبتك فى اقتنائه تجعلك توافق أن تصبح شريكاً فى عملية السرقة.. وتتغاضى عن ضميرك بمجموعة مبررات مثل:

ما هو كده كده مسروق ومش ح يرجع لصاحبه.. ماهى الشركات بتكسب منه ياما.. تلاقى صاحبه زمانه اشترى عدة جديدة..

مشهد ٢- غرفة نومك.. بعد أن يخلد المنزل للنوم وتجوب مواقع التواصل الاجتماعى.. تجد رابطا لتحميل فيلم ما زال فى السينمات.. كلف صناعه الملايين.. وعمل فيه منذ لحظة الكتابة حتى الانتهاء فى المعمل لطبع النسخ لا فقط، النجم الذى تحبه وتشاهد الفيلم من أجله.. وإنما مئات الأشخاص.. نعم لا أمزح مئات من ( مؤلف– منتج– مخرج– مصور– فريق تصوير وصوت وممثلين وفنيين كاميرا وإضاءة ومجاميع وحتى العاملين بشركة الإنتاج بمناصبهم المختلفة بمونتير ومساعدين وفريق تقنى لمكتب المونتاج ومثيله للصوت.. لمصحح ألوان وفنيين بمعامل التحميض وشركة توزيع وحتى مسئولى العرض فى السينمات ) كل هؤلاء حياتهم اليومية قائمة على فكرة المُنتج الذى يعملون عليه ( الفيلم ).
بضغطة على زر بجهازك .. أنت تختار أن تسطو على مجهود كل هؤلاء .. مبرراً لنفسك أيضاً: هى جت على تذكرتى ولا على نسخة الفيلم اللى ممكن اشتريها ؟ ما هم بيكسبوا ملايين من الأفلام .. أصلا أنا ماكنتش ح اروحه فى السينما بس هو بإنه قدامى دلوقتى .. أشوفه وخلاص ..

هل هناك من يجد فرقاً بين الاثنين ؟ أعتقد أن المشهدين باختلاف تفاصيلهم هى عملية لصوصية بحتة .. فأنت تتعدى على منتج لا تمتلكه وتتعدى على حقوق آخرين فيه .. بل إذا قارنت خسارة شركة متعددة الجنسيات رأس مالها مئات المليارات وخسارتها فى جهاز تليفون مسروق تمنح منه الآلاف هدايا كل عام للدعاية بكل حال.. وبين خسارة ملايين لشركة إنتاج مصرية فى سرقة نسخة فيلمها على الإنترنت .. تلك الخسارة التى ربما لن تضر نجماً أجره كبير ولكنها تهدد استمرار شركة فى الآخر تعمل للربح وبالتالى تهدد فرص عمل لهؤلاء المئات الذين تحدثنا عنهم ومنهم الكثيرين الذين يحيون اليوم بيومه من اجور زهيدة ولو توقفوا عن العمل أسبوعاً ربما لن يجدوا أى تأمين لمفردات حياتهم اليومية وكل من يعمل فى المجال يعرف أنهم كثيرون جداً .. أعتقد أن من يقرر أن يوفر ثمن تذكرة السينما فى فيلم مصرى يرغب فى مشاهدته ويحمله بشكل غير قانونى .. عليه أن يضع فى ضميره أنه أحد المسئولين عن إغلاق باب الرزق فى وجه كل هؤلاء .. قد لا تكون تضع يدك فى جيب شخص لتأخذ محموله لكنك تضع يدك فى جيب هؤلاء لتأخذ ما اكتسبوه بمجهودهم .. وأن من سرق نيابة عنك التليفون ليبيعه لك هو نفس السارق الذى دخل القاعة بكاميرا أو تسلل بشكل غير قانونى لوحدة مونتاج ليسرق الفيلم ويبيع ما لا يملك أو حتى يبثه مجاناً من باب الفهلوة ..

الجريدة الرسمية