رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة القبض على الرئيس


اليوم: غدا أو ما بعد الغد
التاريخ: يوما من الأيام المشئومة
الأحداث: حشود شبابية تتجمع فى الميادين بكل محافظات مصر، وفى ميدان التحرير بالقاهرة، يصل العدد إلى قرابة المليون.. الجميع يهتف: «يسقط يسقط حكم المرشد».. الهتافات تدوى فى كل أنحاء البلاد.. فجأة يعتلى أحد شباب الميدان أكتاف رفاقه وهو يردد "سُكتم بُكتم هنروح المقطم"، وينافسه زميل له على منصة أكتاف أخرى، وهو يردد: "النهاردة العصر حنروح القصر".

هكذا ينقسم الثوار إلى فريقين، أحدهما كلف نفسه بالبحث عن المرشد ورفاقه بالمقطم، بعد أن غرقت شوارع المعمورة بدماء الشهداء، وبعدما قال وزير عدلهم إن القتل فى حدود المسموح، باعتبار القتل لونا صناعيا يضاف إلى البنبونى فى المصانع الإخوانية لقتل الناس، وبعدما ملت الجماهير من رئيس خانع، خاضع، كذاب، دمية فى أيدى عصابته، وبعدما وصلت الحالة الاقتصادية إلى مستوى صدور فتوى من أكبر العلماء بإباحة أكل لحم القطط والكلاب، حفاظا على حياة الناس من الموت جوعا.
تصاعدت الأحداث على غير ما ترغب كل القوى السياسية، بعد موجة الاغتيالات التى طالت عددا كبيرا من الشباب، ولم تعد تصلح دعوات العقلاء، خاصة أن لغة التخوين قد طالت الجميع، الغرب يراقب عن كثب وواشنطن تغلى بالاتهامات المتبادلة بين حزبى الحكم هناك، بين مؤيد للإخوان، ورافض لهذا التأييد، البيت الأبيض يشعر بخطر الحرب الأهلية فى مصر، ومراكز الأبحاث السياسية ومصانع اتخاذ القرار فى عواصم العالم باتت مشغولة بتحركات الثوار فى حوارى مصر وأزقتها.
المتحدث الرسمى الذى كان يردد "على كل القوى العودة إلى مائدة المفاوضات"، بدأ فى استخدام لغة أخرى.. وكانت العبارة المكررة والموجهة للرئيس مرسى "الآن يعنى الآن"، بعدها انطلق الثوار بحثاً عن المرشد ورفاقه، وفريق آخر يتوجه الآن للقصر مع الإصرار على محاكمة الرئيس، الذى بات مسئولا سياسيا عن قتل الثوار، فى كل بقاع مصر وليس أمام الاتحادية فقط.
الإخوان من جانبهم اختفوا تماماً من على السطح، الدكتور البرادعى يوجه نداءه الثالث إلى جماعة الإخوان بأن تراجع نفسها قبل فوات الأوان، الثوار الاشتراكيون وضعوا قوائم بمن أسموهم قاتلى الثوار، وزارة الداخلية من ناحيتها نفذت وبدقة الانسحاب الثانى، ولم ير مسئول واحد فى موقعه.. يتردد أن وزير الداخلية قد هرب إلى دولة عربية طالباً اللجوء السياسى.
المتحدث الرسمى باسم السلفيين يؤكد أن لديه مبادرة لإحقاق الحق، وضمان محاكمة قتلة الثوار.. الجماعة الإسلامية تشير إلى ضرورة التعقل فى معالجة الأمر، وتدعو جميع القوى الثورية إلى الحوار، وتحذر من بحور الدم.
قطر من ناحيتها تسحب وديعتها من البنك المركزى، وتؤكد صراحة أنها تدعم جماعة الإخوان.. الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين يدعو الأطراف المتصارعة إلى حوار فى جدة، غير أن المحللين السياسيين يؤكدون أن أى دعوة للحوار تتجاهل القوى الشبابية لن تكون ذات جدوى.
منذ لحظات نقلت فضائيات مصرية، وأخرى غربية هبوط طائرة عسكرية فى قصر الاتحادية، نقلت الرئيس من قصر الاتحادية إلى مكان غير معلوم، وإرهاصات بنقله إلى جهة غير معلومة، ومعلومات تتردد حول خروج جماعى لأسر إخوانية كاملة متجهة إلى الدوحة، ولم تستطع أى جهة تحديد المكان الذى يختبأ فيه المرشد، وأعضاء مكتب الإرشاد.
الثوار وصلوا القصر واقتحموه بين دعوات من تيارات سياسية، تطالبهم بالتزام الهدوء والخروج الفورى منه باعتباره يمثل هيبة الدولة، والثوار يردون: "مش هنمشى.. هو يمشى"، وكالات الأنباء تؤكد وقوع قتلى بالعشرات فى شوارع الغربية، والسويس، وبورسعيد، وعلى مقربة من مجلس الوزراء.. تشير المعلومات إلى وقوع اشتباكات بين مجهولين وثوار فى معظم شوارع دمياط، وأنباء عن حوادث فتنة طائفية بالمنيا، وأسيوط ووقع عدد كبير من القتلى.
المدارس مغلقة لليوم الثالث على التوالى، وإعلان تعطيل الدراسة بالجامعات الحكومية والخاصة، ومحافظ البنك المركزى يدعو اللجان الشعبية لحماية البنوك من عمليات السطو الممنهجة، واشتعال الحرائق بمعظم المنشآت الحكومية، ومعلومات حول السطو على القمح المخزن بصوامع وزارة التموين.
الخبراء يتوقعون مجاعة منقطعة النظير لم تتعرض لها البلاد من قبل، الأسطول الأمريكى يقترب من حدود مصر استعداداً للتدخل لحماية قناة السويس.. طائرات أمريكية تلقى بالمنشورات على مدن القناة تؤكد أنها لم تأت لاحتلال القناة، وإنما جاءت لحماية الممر المائى الدولى.. الفريق السيسى يحذر من خطورة الوضع، ويؤكد أن قوات إسرائيلية تستعد لغزو مصر من سيناء، ويطالب القوى السياسية بضبط النفس حرصاً على المصلحة العليا للبلاد.
أحزاب وقوى سياسية تطالب الجيش بالتدخل الفورى لوأد الفتنة.. أنباء عن إلغاء الأحزاب، وإعلان حالة الطوارئ، وتعطيل العمل بالمحاكم العادية، وإنشاء محاكم خاصة لمواجهة الموقف، بعد ظهور جرائم قتل جماعية ترتكبها قوى مجهولة.
أنباء غير مؤكدة عن ظهور ميليشيات تابعة للأحزاب، وأخرى تابعة للإخوان، وحرب عصابات فى شوارع الجيزة، والقاهرة، والقليوبية، وحالات الاغتصاب الجماعية تتزايد، وأوباما يصف ما يحدث بأنه أمر غير مقبول، ويدعو المجتمع الدولى للتدخل الفورى.. فرنسا تدرس الطلب الأمريكى، وألمانيا توكد عدم مشاركتها.. وانجلترا ترى التدخل دون غطاء أممى إنقاذاً للموقف الدموى فى مصر.
عمرو دياب يغنى من بيروت "مصريين"، من تأليف عبدالرحمن الأبنودى، فى دعوة لإلقاء السلاح والعودة إلى الحوار.. فرار وزير الإعلام الإخوانى بعد اقتحام مبنى ماسبيرو، والسيطرة الكاملة عليه وإدارته بواسطة ثوار ماسبيرو.
العواصم العربية تدعو المصريين إلى إلقاء السلاح والتفاوض دون شروط، ومعارك طاحنة بين متشددين وقوات إسرائيلية فى سيناء، وأمير سيناء يعلن بدء معارك تحرير الأقصى، وتل أبيب تهدد بالزحف إلى القاهرة.
والآن: هل ترون أننا بعيدون عن هذا السيناريو؟ لا أعتقد!!



الجريدة الرسمية