تأملات في القيامة
* القيامة نصرة وغلبة: قصبة مرضوضة لا تقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى إلى النصرة، بقيامته من القبر كسر فخ الموت المخيف وأصبح هذا الفخ مكسورًا، فالفخ انكسر ونحن نجونا لسنا بعد أسرى الموت، ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح.
*القيامة بذل وتضحية ومحبة وعطاء: الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا الذي بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال حسنة الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء وهذا هو الدرس الذي أخذناه يوم الجمعة العظيمة "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" لقد أظهر الله محبته للعالم بأنواع وطرق شتى أعطى العالم نعمة الوجود وأعطاه المعرفة وكل أنواع الخيرات بل أعطاه أيضًا المواهب الروحية وتولى العالم بعنايته ورعايته وحبه، ولكن محبته لنا ظهرت في أسمى صورها حينما بذل ذاته عنا لكى تكون لنا الحياة الأبدية وأول شيء بذله الرب هو أنه أخلى ذاته وأخذ شكل العبد وصار في الهيئة كإنسان وطاف يجول في الأرض يصنع خيرًا وهكذا صارت صورة يسوع المسيح المصلوب هي أجمل الصور أمام البشرية كلها.
*القيامة حياة ورجاء: فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بى فلا يعطش أبدًا لأن مشيئة الذي أرسلنى أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير لذلك منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم عند اإستعلان يسوع المسيح بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكى لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم.
*القيامة نور وإيمان وعقيدة: فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل وعقيدة القيامة عند القدماء المصريين إيمان فابتكروا فن تحنيط الأجساد وعند اليهود كان الإيمان شائعًا في زمان السيد المسيح وفى الفترات التي سبقت مجيئه أيضًا فالفريسيون كانوا أكبر طوائف اليهود آمنوا بالقيامة بخلاف الصدوقيين الذين أنكروا كل ذلك.. مرثا عبرت عن إيمانها بالقيامة بقولها للمسيح عن لعازر أخيها الميت " أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير".
وفى تعاليم الآباء الرسل وضع القديس بولس الرسول الإيمان بعقيدة قيامة الأموات على نفس مستوى الإيمان بقيامة السيد المسيح له المجد فقال "إن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم ونوجد نحن أيضًا شهود زور لله ".
وفى قوانين الإيمان المسيحى لابد من اعترافه بالعقائد العظمى للمسيحية وهى الإيمان بالإله الواحد المثلث الأقانيم وقيامة الجسد والكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية والكنيسة تصلى قانون الإيمان والذي ينتهى بعبارة وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى أمين.
وفى تعاليم المسيح صراحة لقيامة الأموات قائلًا: " لا تتعجبوا من هذا فإنها تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة ".
*القيامة عهدًا جديدًا: الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيى كما قال القديس بولس ولأجل هذا هو وسيط عهد جديد لكى يكون المدعوون إذ صار موت لفداء التعديات التي في العهد الأول ينالون وعد الميراث الأبدى.
*القيامة حدث فريد ووحيد من نوعه: لن يتكرر لأنه يتخطى حدود الزمان بل يفوق الزمان، تجتمع حوله جميع الأجيال في تواصل واتصال وهى تترنم بأنشودة القيامة والنصرة المسيح قام، بالحقيقة قام.. هذا الحدث فريد لأن المسيح قام بقوته الذاتية وبجسده النورانى الخالد وقام إلى الحياة الأبدية الثابتة إذ أنه بالموت داس الموت وأبطل سلطانه وكسر شوكة إبليس وأقامنا معه وفتح لنا أبواب السماء وجعل من أبناء آدم ورثة الملكوت.
*القيامة فرح وبهجة: "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب لنفرح ونبتهج فيه".. ففرح التلاميذ إذ رأوا مخلصهم قائمًا فلنفرح معهم ولنلبس الزينة الفاخرة الروحية ولكن فرحنا لا يكون كاملًا إلا إذا فرحنا أيضًا بقيامة فادينا القدوس.
*القيامة هي عيدنا الدائم: لأنها تعلن حضور الرب الدائم في حياة الكنيسة وفى قلب المؤمن أيضًا أن السيد المسيح هو نفسه عيدنا الحقيقى نقتنيه فنقتنى الفرح الدائم "ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر " مسيحنا القائم من الأموات والحال في وسط كنيسته في كل بلاد العالم يحول حياتنا الحاضرة إلى عيد.. فهذا العيد هو عربون للعيد السماوى.. ليتنا لا نعيد العيد بطريقة أرضية بل كمن يحفظ عيدًا في السماء مع الملائكة والقديسين.. لنفرح لا في أنفسنا بل في الرب ضارعين الله القدوس أن يهبنا بركات العيد وأن يحفظ لنا حياة وقيام أبينا البطريرك البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى والآباء المطارنة والأساقفة والكهنة وكل رجال الأكليروس وأن يحفظ بلادنا العزيزة مصر وشعبها المبارك وكل بلاد العالم " المسيح قام.. بالحقيقة قام ".
وكل عام وأنتم بخير