رئيس التحرير
عصام كامل

Now Means Now


عادت القوات المُسلحة الإيرانية إلى ثكناتها يوم 11 فبراير 1979، ليتولى الخومينى يومها السلطة رسمياً بعد أن عاد إلى بلاده قادماً من فرنسا يوم 1 فبراير. لقد فات الكثيرين أن الشاه كان يُعانى علاقات سيئة مع الغرب وقتها، وأن كارتر بسياسته الناقدة لأوضاع حقوق الإنسان فى إيران كان من أهم من دعم سقوطه وليس كما يُقال بأنه تفاجأ. فالولايات المتحدة تستفيد من وجود إيران مُهددة للمنطقة ومُصدرة إرهاباً مُستغلاً للدين فيها، وخالقة توازنا للقوى يُمكنه أن يشغل الكثير من الدول بنفسها، وبتطبيق سياسة "فرق تسُد"، وبذا تضمن أمن إسرائيل، حيث أى سلاح إيرانى موجه لدول الخليج، وبالتالى لمصر!!

وهكذا، ومع بداية الإملاء الأمريكى على المنطقة العربية كلها، وفرض "ديمقراطيتها" وليس الديمقراطية على إطلاقها، قال الرئيس المصرى السابق مبارك، لوزير خارجيته أحمد أبوالغيط، فى أحد أيام 2005، وكما هو مدون فى الصفحة 157 من كتاب أبو الغيط "شهادتى": "إنه لا يستبعد أن يكون لدى الأمريكيين رغبة فى إقصائه عن الحكم فى مصر"!! ولقد كُنت على دراية بتلك الحقيقة، قبل أن أقرأ الكتاب، وهو ما جعلنى أرفض كل هذا الذى أُطلق عليه "ثورة 25 يناير"، لأن مبارك لم يمض بإرادة مصرية خالصة، ولكن بإرادة أمريكية رئاسية، وليس من أجل ديمقراطية مصرية ولكن من أجل مشيئة أمريكية، تبتغى "استعماراً بأسلوب جديد" لمصر، تحت حُكم الإخوان!!
لقد قال لى أحد المُثقفين، عن ذكراه لما حدث فى أحد الأيام من العام 1974، فى القاهرة، حينما انفجرت "بلاعة" فى ميدان التحرير، فمنعت المارة والسيارات من المرور به. أى أن إخلاء الميدان كان من السهولة بمكان بحيث لا يؤدى الأمر حتى لمواجهة من أى نوع، إلا أن أهم حقيقة من الواجب إدراكها فى هذا الصدد فى 2011، هى أن ميدان التحرير كان تحت حماية أمريكية دولية، وليس فقط الجيش المصرى، لأن تلك التى قيل عنها ثورة، كان مٌخططاً لها من قبل الأمريكان، قبل أى شخص آخر، وكان المراد منها إزالة حُكم مبارك والإتيان بالإخوان على رأس الحكم فى مصر، مع بعض الأعوان ذوى العلاقات القوية مع الأمريكيين، وهم المعروفين للكل الآن!!
وكيف لمبارك أن يسقط دونما سقوط قتلى يُتهم فى قتلهم نظامه؟؟ فهل يقتل مبارك المتظاهرين ليُسقط نفسه بنفسه، وقد كُتب عن سقوط شاوشيسكو فى رومانيا، بتُهمة مماثلة، رغم الكشف عن "المُرتزقة" الذين قتلوا الثوار، بعد إعدام شاوشيسكو؟! ولكن هل هناك من يقرأ التاريخ ليحكُم؟!
لقد وجد الأمريكان أن إسقاط البلدان من داخلها "أرخص" من عمليات مثل عملية العراق، فاستخدموا الغضب ضد النظام، لصالحهم، .. وكان "جهل" المُتظاهرين، حليفهم أيضاً!!
وبالتأكيد، لم يكن الثوار هم من جعل مبارك يتخلى عن منصبه ولم يكن جيش مصر من فعل ذلك أيضاً. لقد كان أوباما هو من فعل، عندما قال لمبارك: Now Means Now (الترجمة الحرفية: "الآن تعنى الآن"، كأمر لمبارك أن يتنحى). وعبر فى لحظة التنحى، الأسطول الأمريكى السادس خلال قناة السويس، فى إشارة واضحة لحجم القوة والتهديد الأمريكى لمصر، لأن وجود مُبارك أضحى مُضاداً للمصالح الأمريكية فى المنطقة!!
لقد تخلى مبارك عن السلطة، لأنه وطنى يُحب مصر، ورغم كل شىء يُمكن أن يُقال ضده، فقد احترمته لحظتها. أما مرسى، فلن يسقطه سوى القانون وفقط وليس غيره!!
ومن لا يُدرك كل تلك الحقائق بعد عامين، فليقرأ وليُحب مصر أكثر من ذاته!!
والله أكبر والعزة لبلادى
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.
الجريدة الرسمية