رئيس التحرير
عصام كامل

تصاعد التوتر علنا بين طهران وواشنطن.. محكمة أمريكية تبيع "ناطحة سحاب" إيرانية في نيويورك.. وقرارات مشابهة بمصادرة حسابات مصرفية إيرانية في بنوك الولايات المتحدة.. ومفاوضات الظل مستمرة


منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وما تبع ذلك من اقتحام أنصار الإمام الخميني في شهر أكتوبر من نفس العام السفارة الأمريكية بطهران؛ احتجاجا على استقبال الولايات المتحدة للشاه "محمد رضا بهلوي" المخلوع للعلاج من السرطان، ما أدى لاحتجازهم 52 من المواطنين الأمريكيين بالسفارة لمدة 444 يوما حتى أطلق سراحهم في يناير 1981، تستمر العلاقات الأمريكية ما بين المد والجذر، ففي الوقت الذي تصاعد فيه الخطاب الأمريكي قبل شهور تجاه الملف النووي كانت مفاوضات الظل تجري حتى تم الوصول لاتفاق جنيف لخفض تخصيب اليورانيوم.


شد وجذب بين طهران وواشنطن

بعد مرور 35 عاما على واقعة احتجاز الرهائن، ومرور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بالعديد من الأزمات، شهدت فترة حكم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بعض الانفراجات ومنها المكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره الإيراني الرئيس "حسن روحاني" سبتمبر الماضي، أكد فيها الطرفان  ضرورة الحوار من أجل حل المشاكل العالقة وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، فيما اعتبرت نقطة تحول في العلاقات الأمريكية الإيرانية.

وخلال الأيام القليلة الماضية، عاد التصعيد من الجانب الأمريكي تجاه مواقفه من "طهران"، أقر الكونجرس الأمريكي منذ أيام مشروع قانون من شأنه أن يمنع سفير إيران الجديد لدى الأمم المتحدة "حميد أبو طالبي" من الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة؛ بسبب دوره المفترض في عملية احتجاز الرهائن عام 1979، وهو ما رفضته "طهران" من جانبها وأصرت على عدم تغيير "أبو طالبي" وإيفاد سفير آخر، وتهديدها باللجوء للأمم المتحدة.

المصادرة الأمريكية لأموال إيران

وفي تصعيد آخر جديد كشف مدعون أمريكيون خططا لبيع ناطحة سحاب في مانهاتن تملكها إيران في أهم عملية مصادرة مرتبطة بالإرهاب، وذلك بهدف إعادة توزيع الأموال على الأسر التي تضررت جراء هجمات تتهم إيران بالوقوف خلفها.
ووافق قاض فيدرالي على هذه الخطط في آخر تطورات دعوى طويلة متعلقة بناطحة السحاب الواقعة في الجادة الخامسة بنيويورك، وتقع ناطحة السحاب المؤلفة من 36 طابقا في قلب مدينة نيويورك.

ومن المستفيدين من هذا القرار أسر ضحايا عملية تفجير مقر مشاة البحرية الأمريكية (مارينز) في بيروت في 1983 التي أسفرت عن مقتل 241 عسكريا، وتفجير الخبر في السعودية عام 1996 الذي أدى إلى مقتل 19 جنديا أمريكيا.

وحكمت القاضية الأمريكية كاثرين فورست لصالح الحكومة الأمريكية في الشكوى التي قدمتها العام الماضي معلنة أن أصحاب المبنى انتهكوا القوانين المتعلقة بالعقوبات المفروضة على إيران وبتبييض الأموال.

وسط أنباء عن وجود نية لدى السلطات الأمريكية ببيع عقارات تعود لإيران في كاليفورنيا وميريلاند وتكساس وفيرجينيا وكوينز في نيويورك إضافة إلى مصادرة حسابات مصرفية كانت بأسماء كيانات تشكل واجهة لإيران.

إرضاء للرأي العام والكونجرس

قال الدكتور محمد عباس ناجي الباحث في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية: إن هذه القرارات نوع من الإرضاء للرأي العام الداخلي الأمريكي، خاصة مع وجود اعتراض داخل الكونجرس الأمريكي والراعي لمصالح إسرائيل لعدم رضائهم عن السياسة المرنة التي يتبناها أوباما تجاه إيران، بالإضافة إلى وجود ضغوط داخلية أمريكية تجاه تسوية الخلافات مع إيران، فلا بد من تسوية المسائل العالقة بين القضايا المرفوعة ضد إيران أمام القضاء الأمريكي بخصوص التعويضات للمتضررين من اقتحام السفارة الأمريكية وغيرها من القضايا.

وأشار "ناجي" في تصريحاته لفيتو إلى صدور عدة أحكام سابقة بتعويضات ضد إيران لصالح مواطنين أمريكيين؛ حيث أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية عام 2010 حكما قضى بتحميل إيران مسئولية الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983 وتغريمها 1.3 مليار دولار لعدد من ذوي الضحايا والناجين من العملية التي أدت إلى مقتل 241 جنديا أمريكيا في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، وهناك حكم سابق أيضا قضى بتغريمها 2.6 مليار دولار لمجموعة أخرى من الضحايا في القضية نفسها، إلا أن إيران لم تنفذ هذا الحكم ولم تدفع شيئا".

من جانبه أوضح السفير محمود فرج سفير مصر بطهران سابقا الموقف الأمريكي بأنه "محاولة لإرضاء إسرائيل خاصة بعد اعتراضها على توصل إيران لاتفاق في محادثات جنيف "5+1"، والتي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، بالإضافة لألمانيا، مع تخفيف بعض العقوبات على إيران، والذي اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاقا "سيئ جدا" ونتيجة للعلاقات الوثيقة التي تربط قادة إسرائيليين مع أعضاء الكونجرس الأمريكي وبذلهم جهودا شاقة لتقييد أوباما في أي اتفاق مع إيران ومحاولة تعطيل هذه المباحثات". 

وأضاف "فرج": "أظن أن إيران ستفوت تلك الفرصة على أسرائيل ولن تصعد من موقفها وستتفاهم مع الأمريكان، فأوباما في مرحلة ضعف وتمارس عليه ضغوطا كثيرة من إسرائيل وبعض الدول الأوربية لوقف تلك المفاوضات مع إيران، وربما تعود إيران إلى سابق عهدها وعلاقتها مع أمريكا بوصفها "عسكري الخليج".

وأوضح سفير مصر السابق بإيران في معرض حديثه لـ"فيتو" أن منع السفير الإيراني من الحصول على تأشيرة الدخول للولايات المتحدة نتيجة لضغط محامي الرهائن السابقين في السفارة الأمريكية الذين احتجزوا في إيران عامي 1979 و1981.
الجريدة الرسمية