رئيس التحرير
عصام كامل

إلى المناضل المغوار


كان يتوهم أنه "مخلب قط"، فى عهد النظام السابق، صدّق نفسه عندما حلّ وصيفا فى انتخابات رئاسية لا علاقة لها بالنزاهة والشفافية، كان يطرح نفسه بديلا لـ"جمال مبارك"، تجسّد أدوارا افتراضية، وشخصيات وهمية، ظن يوما أنه النسخة المصرية لـ"نيلسون مانديلا"، كان يختلق قصصا كاذبة حتى يبقى أسيرا للأضواء، فعل كل شىء، وقال كل شىء، وكتب كل شىء، لكن شيئا لم يتغير وظل مكانه لا يتزحزح عنه خطوة واحدة.

كان يرى أن الإعلام الرسمى، فى ظل النظام الساقط، يتعمد ظلمه وإهانته وتجريحه، إرضاءً لنجل الرئيس... الآن ذهب الرئيس واصطحب معه ابنه، إلى غياهب السجن وبقى هو حرا طليقا ورغم ذلك لم يتغير شيئا وظل هو كما هو.
ذهب نظام ساقط، وجاء نظام ظالم، يكرهه الشعب، ويطالب بإسقاطه، فارتمى فى حضنه، لا يعصى له أمرا، يطيعه فيما يعصيه فيه الشعب، وترفضه النخبة، التى يرى أنه ينتمى إليها.
يحتشد رموز مصرية وطنية مخلصة، ضد النظام الحالى وبطشه وغطرسته ويقاطعون حواراته غير الوطنية، فيُهرع هو إلى ساداته الجدد فى القصر الرئاسى، يقدم فروض الولاء والطاعة، متجسدا المثل الشائع:"خالف تُعرف".
لا يخجل الوصيف السابق من أن يبتذل أى دور، حتى لو كان كومبارسا أو صامتا، أو أن يقدم مشهد إغراء فاضحا، حتى يُكتب اسمه على تتر النهاية.
فقد مستقبله السياسى مبكرا، كما خسر ماضيا، لم يُكتب بمداد الصدق والحق، فصار كمن يرقصون على السلالم، هو بالفعل كذلك، لا يبحث سوى عن نفسه، عن اسمه، عن تاريخ مهنى صنعه بالكذب، ودرجة علمية، انتحلها بالزور.
لا يزال يركض ركض الوحوش فى البرية، خلف سراب، لن يكون يوما حقيقة، لأنه لا يستحق أكثر من هذا.
يُطرد من حزبه الذى أسسه، وكان يشبهه تماما، فى أنه لا قيمة له ولا وزن، فينشئ حزبا "ورقيا" آخر، يحتمى وراءه، يُرضى به غروره، حتى يضمن لنفسه دورا رخيصا، فى فيلم سياسى هابط.
أمس..قذف النظام الحالى، بقطعة لحم نتنة، لصاحبنا، فلم يتعفف عنها، ولم ينفر منها، ولم يعتذر عن عدم التهامها، ولكنه فرح بها وسعد وهز ذيله لأسياده الجدد، راضيا مرضيا، فلقد صدر قرار بتعيينه عضوا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، مقابل بضعة آلاف جنيه شهريا.
لم يعتذر الفارس المغوار، عن عدم قبول الدور، الذى رفضه آخرون، قدموا لمصر الثورة، ما لم يقدمه أحد، مثل الطبيب "أحمد حرارة"، الذى فقد عينيه، لكنه لم يفقد كرامته ونخوته.
فيا أيها المناضل الشرس، لقد نفد رصيدك، ولن تتمكن من "شحنه" مرة أخرى، لأن الشعب لم يعد ساذجا، يخدعه أقرانك، من اللاهثين، الباحثين عن الشهرة، والجيف القذرة، كما أنه لن تجدى معك نصيحة، فمثلك خُلق من أجل ذلك، ولا شىء غيره.
الجريدة الرسمية