تستحقين بوسة
تتدلع، وتأمل في مكافأة! لكن جواب الأب الحنون سيكون، تستحقين بوسة (باباتي) كما ينطقها أبو غالب في باب الحارة، ولمن لا يعرف من هو أبو غالب أقول، هو أحد أشهر بائعي (البليلة) في العاصمة السورية دمشق قبل مائة عام من احتجاجات درعا الشهيرة التي انتقلت إلى كل سوريا، ودفع المنتفضون الثمن باهظا، فصاروا بين نارين، نار العنف الثوري المنظم، الذي تحول إلى عنف داعش والنصرة، حتى وصل الأمر بالسيد أبي بكر البغدادي أعزه الله ليطلب من جناب السيد أبي بلال أردوغان حفظه الله الدخول في ولايته وإلا، فاللحم التركي من أشهى اللحوم حسب تعبيره، والنار الثانية نار العمليات العسكرية التي يقوم بها( حماة الديار) وهي التسمية المحببة للجيش العربي السوري، حتى صار المواطن يتوقع أمرين في سوريا، برميل يأتيه من السماء، أو سيف بتار يحز رقبته كما تحز رقبة النعجة السمينة، مع أن كثيرا من السوريين مهددون بالموت المجاني نتيجة الجوع، مع تحذيرات تطبقها المنظمات الدولية من مجاعة بسبب الجفاف الذي يتوقع له أن يضرب البلاد.
داعش تستخدم سلاح المياه مع الشعب العراقي والحكومة مترددة وخائفة.. فإذا تحركت قالوا، ضربت الناس وهي تهاجم من أجل الدعاية، وإذا سكتت قالوا، إنها ترهن مصير العراقيين بيد الإرهابيين، فلم نعد ندرك من هو صاحب اليقين ومن هو المدعي ؟ فلا الحكومة فعلت شيئا، ولا معارضيها فعلوا النقيض الذي يمكن أن يطمئن الناس.
وصرنا متيقنيين بحكم التجربة الطويلة من وجود مصالح قذرة تدفع الأطراف العراقية لتدخل في نزاعات عقيمة مهينة يدفع ثمنها بسطاء الناس كما هى الحال في معركة الموازنة التي لم يستطع البرلمان إقرارها متجاوزا تلك العذابات والهموم فليس مهما بالنسبة لبعض مئات من السياسيين أن يهان ويذل الشعب بكامله ما دام الشعب سيذهب إلى مراكز التصويت وينتخبهم ثانية وثالثة، داعش من جهتها تقول: إن الحكومة تريد أن تدفع الشيعة للتحصن خلفها من أجل التطوع في الأجهزة الأمنية، وهو اتهام لا نعرف مدى صحته فهناك أصوات أخرى تدعو بالفعل لقطع المياه عن الشيعة.
ومن أبرز الداعين لقطع المياه عن الرافضة كما يسميهم سماحته هو ( الشيخ طه حامد الدليمي) الذي يعتقد وهو محق، إن قطع المياه عن الرافضة يمكن أن يؤدي إلى هلاك أعداء الله في وسط وجنوب العراق كما نقلت ذلك عنه قناة (وصال الفضائية) التي تستضيفه، ويبدو أن دعاة الفتنة عن المسلمين من طوائف مختلفة حاضرون ودون وعي في بعض الأحيان ليبذروا حبوب الفتنة القاتلة في الأرض الخصبة، وهم يدركون وجود عشرات آلاف المواطنين المستعدين للحاق بقافلتهم المتوجهة إلى الجحيم.
قطع المياه عن الناس سلاح فتاك جربته حكومات عدة منذ بدء الخليقة وصولا إلى العصر الحالي، ولدى العراقيين تجربة مرة مع المياه المقطوعة يحفل بها التراث الديني والسياسي.