رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر ينقذ الحكومة في مذبحة أسوان.. «الشحات»: الحل الديني أقوى من السياسي في الأزمات.. الواقعة ليست ثأرا وهناك من حرض عليها.. «كريمة»: دور القوافل الدعوية التوعية بخطورة جريمة


شهدت محافظة أسوان، الأسبوع المنصرم، أحداثًا دامية لقي خلالها 26 شخصا مصرعهم وإصابة العشرات، بعد أن نشبت معارك بالأسلحة النارية بين قبيلتي الدابودية وبني هلال بمنطقة "السيل الريفى" بأسوان، وسط تخوف من اندلاع الاشتباكات مرة ثانية أو امتدداها لعدد من المحافظات.


من جانبها، تبنت جهات عدة مبادرات لاحتواء الأزمة، إلا أن جميعها باءت بالفشل، وفى خطوة مسئولة زار فضيلة الإمامُ الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، صباح اليوم، المحافظة والتقى بمشايخ وزعماء القبيلتين في مبادرة ومحاولة للصلح وحقن الدماء بين الطرفين، وسط تكهنات بنجاح مبادرة الأزهر في حل الأزمة.

وأشاد الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بزيارة الإمام الأكبر أحمد الطيب لأسوان، متوقعا نجاح مساعيه في احتواء الأزمة، لافتا إلى أن دور رجال الدين أقوى من رجال السياسة لأن الدين تأثيره لدى المجتمع أقوى من تأثير السياسة، موضحا أن السياسة تعتمد على الرأى والرأى الآخر فمن الممكن أن نختلف سياسيا حول آراء كثيرة، أما الدين فلا خلاف عليه.

وأضاف الشحات، في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، "أن مسألة الصلح ليست سهلة وستأخذ وقتا خاصة مع سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، وضرورى إرضاء الطرفين، وهناك نصوص صريحة وقاطعة على أن الصلح خير خاصة إذا جاء هذا الصلح من مبادرة رمز ديني مثل شيخ الزهر، لذلك نتوقع أن تنتهي تلك المسألة ولكن هذا الصلح سيقوم على دعائم أهمها حقن الدم لأنه مقصد شرعي وهو ما أكده القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" وطبقا للحديث "حرمة دم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة المشرفة".

وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن واقعة أسوان ليست مسألة ثأر بل هي واقعة تحريضية وهناك من يقف وراءها.

وأكد الشحات ضرورة التفريق بين "القصاص والثأر"، قائلا: "القصاص يكون بيد الحاكم وولى الأمر والسلطة المختصة بذلك هي القضاء، وهذا ما سيقال لهم من جانب شيخ الأزهر ولا يحق لى أن اقتص بنفسي لأن ذلك خطأ شرعي كما أنه يتنافى مع العدالة، أما القصاص يقوم على العدالة والمماثلة ففى الثأر من الممكن أن من يكون القاتل لم يقصد القتل وأنه مجرد حادث عن طريق الخطأ، أما الأخذ بالثأر يكون قاصدا كما أن أهل المجنى عليه قد يقتلون من هو أكثر تأثيرا أو أعلى مكانة من القاتل نفسه، فمثلا يقتل شخص شخصا آخر وعند الأخذ بالثأر لا يتم قتل مرتكب الجريمة ولكن قد يختاروا أخا أو قريبا له ذا مكانة وشأن أعلى من القاتل حتى يكون الانتقام أقوى، وهذا ليس بقصاص".

وشدد "الشحات" في ختام تصريحاته لـ"فيتو" على خطورة الثأر فهو عادة فاسدة يجب أن تصحح لأنها تتنافى مع العدالة، كما أن من شأنها أن تنشر الفوضى في المجتمع وتعيد شريعة الغاب مرة أخرى.

من جانبه، اتفق الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، في الرأى مع الدكتور محمد الشحات الجندى على أن "الثأر" ليس "بقصاص"، وأن الثأر جريمة منكرة في الشريعة الإسلامية.

وقال كريمة "دور الأزهر في القضاء على جريمة الثأر هو التوعية الدينية السليمة لأن جريمة الثأر جريمة منكرة فالأصل في الشريعة أن العين بالعين والسن بالسن والنفس بالنفس، ولكن وفق أحكام الشريعة وقوانين الدولة فقال الله سبحانه وتعالى "وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ".

ونبه أستاذ الشريعة الإسلامية إلى ضرورة تكاتف الجميع الأزهر والوعاظ وأئمة المساجد، والمؤسسات التعليمية، وضرورة تنظيم قوافل دعوية جادة بالتعاون مع إعلام ديني من إذاعة وتليفزيون للتحذير وخطورة هذه العادة المنبوذة، والبعيدة عن روح الدين الإسلامي.

واختتم كريمة حديثه قائلا: "من المفترض معالجة هذه الجريمة المنكرة قبل وقوعها والأزهر عندما يقوم بمبادرات لحل تلك الأزمة إنما يمارس دورا دينيا وليس دورا سياسيا، ولكن الأهم من المبادرات التوعية".
الجريدة الرسمية