ولا يزال نزيف "الرقعة الزراعية" مستمرّا.. مصر تفقد 46 ألف فدان منذ ثورة يناير.. مافيا الأراضي تحقق 100 مليار جنيه في 3 سنوات.. خبراء: ضياع وادي النيل بحلول عام 2050
منذ اندلاع أحداث ثورة 25 من يناير، شهدت مصر حالة من الفوضى، بعد انهيار الجانب الأمني وغياب الأمن عن الشارع لفترة طويلة، وهو ما أدى إلى زيادة حالات التعدي على الأراضي الزراعية.
فما بين فلاح يسعى إلى استغلال غياب الأجهزة الأمنية وأغنياء يتعاملون مع حالة الفراغ الأمني التي تحدث بعد كل ثورة بمنطق انتهازي، ويستغلون تراخي قبضة الدولة وتراجع سلطة القانون لتحقيق ثروات طائلة تفقد مصر أجود أنواع الأراضي الزراعية.
فطبقا لأحدث دراسة للمركز القومي للتعبئة والإحصاء، فإن مصر فقدت منذ ثورة يناير 2011 نحو 46 ألف فدان من أجود الأراضي الزراعية يتراوح سعر الفدان من 80 إلى 100 ألف جنيه، يتم شراء الفدان بسعر يقترب من 150 ألف جنيه يتم دفعها لأصحاب الأرض من الفلاحين الذين يضطرون للبيع تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وانخفاض أسعار المحاصيل التي يوردها في نهاية الموسم.
أما التجار الذين اشتروا الأرض، فيعمدون إلى تقطيع أوصالها وبيعها كأراضي بناء بسعر لا يقل عن نصف مليون جنيه للفدان، ويحذر الخبراء من أن البلاد ربما تفقد وادي النيل بالكامل عام 2050 إذا لم تتدخل الدولة واستمر هذا النزيف على نفس الوتيرة الحالية.
وبلغة الأرقام، تشير الإحصائيات إلى أن حفنة من كبار تجار أراضي البناء لا يزيد عددها على المائة على مستوى محافظات الجمهورية، يساعدها جيش من السماسرة والوكلاء وصغار الموظفين المرتشين بالمجالس المحلية ومهندسي الأحياء، حققت صافي أرباح لا يقل عن 100 مليار جنيه في أقل من ثلاث سنوات، حيث إن كثيرا من هذه الأراضي الزراعية تقع مباشرة على النيل وتم استغلالها في بناء أبراج سكنية شاهقة تطل مباشرة على النهر.
الوجه الآخر لهذه الأزمة الحادة التي يعتبرها كثيرون قضية أمن قومي وليس من المقبول التهاون فيها بعد الآن، يتعلق بأن مصر تعاني عجزا حادا في الموازنة العامة للدولة نتيجة ارتفاع واردات البلاد بالعملة الأجنبية الصعبة مقابل انخفاض الصادرات.
بينما تأتي السلع الغذائية على رأس هذا الواردات حيث يتم استيراد ما قيمته سبعة مليارات دولار سنويا منها، ومن شأن تناقص الرقعة الزراعية أن يؤدي إلى انخفاض حاد في إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية مما يؤثر على المصانع والعمالة القائمة على هذه المصانع، فضلًا عن زيادة الاعتماد على استيراد الغذاء وهو ما يضاعف العبء الملقى على الموازنة العامة.