رسائل «وِش».. بدون شفرة
فجأة ودون أى مقدمات، وبلهجة فى ملامحها الهلع، وبعد ما يقرب من عشرة أيام من رفض أى حوار، وقبل مناوشات الاتحادية، أعلن د. محمد البرادعى رئيس حزب الدستور والمنسق العام لجبهة الإنقاذ عن ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف، وبدء حوار جاد.
فى نفس التوقيت، كانت مبادرة الأزهر لدعوة القوى الوطنية للاجتماع، ثم صدور وثيقة نبذ العنف وتفعيل الحوار، والسؤال... «ما سر ذلك التحول المفاجئ والسريع، بعد نحو عشرة أيام من العناد والصمت على العنف؟".
فى تقديرى أن السر يكمن فى صدى الرسائل عابرة الأطلنطى التى أشارت بوضوح إلى عدم جدوى الاحتجاجات العنيفة، وعجزها عن خلق أحداثيات تنبأ بتغيير وشيك على الأرض.
قبل سويعات من ذلك التحول المفاجئ، أطلق جون كيرى السيناتور الأمريكى البارز (وزير الخارجية رسميا منذ أمس الاثنين) تصريحا كان له صداه على الملعب السياسى المصرى.
قال كيرى: إن تأجيل المساعدات الأمريكية لمصر، من شأنه أن يسهم فى زيادة حالة الفوضى التى يمكن أن تنشأ بسبب تعرض الاقتصاد المصرى لخطر الانهيار، مشيرا إلى ضرورة استمرار المساعدات للحفاظ على المصالح الحيوية الأمريكية فى المنطقة.
قواعد لعبة السياسة تقول: إن تصريح كيرى، رسالة غيرمشفرة، تحمل رغبة حقيقية فى عدم اهتزاز النظام القائم، لدَرْء تداعيات قد تفضى إلى فوضى عارمة حال سقوطه.. بالتوازى مع تصريح كيرى جاء آخرتصريح لهيلارى كلينتون قبل مغادرة موقعها، كاشفا وبوضوح عن موقف الإدارة الأمريكية، عندما أشارت إلى أن انهيار الدولة فى مصر يشكل خطرا داهما على أمن إسرائيل، ومن شأنه نشر العنف والدمار فى المنطقة بأسرها.
غيرأن واقع الحال يؤكد أن تلك الإشارات لم تكن بمعزل عن قياس نبض الواقع بمصر. فالملاحظ أنه قبيل التصريحات الأمريكية بيوم واحد حذر وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، من أن الفوضى فى الشوارع والجمود والعناد السياسى، كل ذلك يمكن أن يؤدى إلى «انهيار الدولة».. وهو تحذير أفردت له الدوائر السياسية والإعلامية العالمية مساحة كبيرة من الاهتمام الجاد.. أضف إلى ذلك ما حفلت به الصحف الأمريكية من تقارير تسلط الضوء على فوضى حركة المعارضة، وتشير إلى أن جمعة الخلاص، مجرد زخم احتجاجى لا يرقى إلى حد الطوفان الثورى الكافى لإزاحة النظام فى اللحظة الراهنة.. وهذا فى ظنى ما أسست عليه الإدارة الأمريكية رؤيتها أو رغبتها فى عدم سقوط النظام الآن، أو على الأقل «تأجيل» السقوط!!!.