شعب أدمن الانفعالات
"فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الأقوال والأعمال" أعمال الإصحاح السابع عدد 22
هكذا امتدح الكتاب المقدس النبي موسى، نعم نحن شعب الحكمة والحضارة التي يشهد لها التاريخ بأهرامات ومعابد، هكذا نقشنا على جبين الدهر عبارات حفرناها على الحجر، في قلب مصر في الجنوب، الجنوب الذي اشتعل مرة واحدة ولا ندري متى يتم إطفاء جذور الفتنة، الجنوب الذي تم سفك دماء مواطنيه وشحنهم على عربة (كارو) كقمامة.
هكذا كانت بلادنا في صدارة التاريخ تقود ولا تقاد تهزم ولا تُهزم تمرض ولا تموت.. وفى العصر الحالي اشتد المرض بمصر على مدى ثلاث سنوات ليقوم شعب مصر بروح الإباء ويقف وقفة رجل واحد ويخرج أربعين مليون يصرخون لا للإرهاب وأجبروا الجيش البار لعزل المرض لتعود لمصر البسمة والأمل والتفاؤل.
وبدلا من الفرح والأمل بعودة مصر ندخل عصر الإرهاب ونقترب أكثر إلى السيناريو السوري أو العراقي وفى النهاية أننا نسير لبروفة الصومال لندخل مصر نفقا مظلما وسط رعاية مخابرات عالمية وتمويل دويلة خليجية وتأييد خونة من القيادات.
في أواخر القرن الماضي كانت عملية إرهابية تحرق قلوب المصريين وتهز الرأي العام وتشغل بال العديدين ومع ثورة يناير أصبح القتل اليومي على الهويات شيئا معروفا ومألوفا وعملية وراء عملية أصابنا الإرهاب بالتخمة وأصبحت جلودنا سميكة ولكننا أجدنا وأدمنا صفة مرذولة وهي الانفعال.. الانفعال في الشجب الانفعال في السب اللعن ولكن على أرض الواقع فالانفعال أصبح مسكنا لآلامنا وهدوءا لنفوسنا ومخملا لعملنا.
فأعمال القتل للصحفيين للشرطة والجيش وللمسيحيين شيء عادى ننفعل ونشجب ونرى مذيع يئن ويكاد يسب الإرهابيين خونة عملاء إرهابيين منحرفين ليسوا مسلمين.. ثم هدوء تام لننظر عملية أخرى وفى القريب العاجل سيصمت الجميع.
فلماذا الانفعال إذن إنها إستراتيجية دفاعية للنفس البشرية بها يريح ضميره لدقائق وفي الواقع مشارك في الجريمة قامات " وطنية " وتعليمية ودينية وقضائية... الكل مسئول فالقيادات الوطنية أصبحت عاجزة لا تستطيع اتخاذ قرارات حاسمة تجاه الإرهاب بل تسكن الآخرين مصر ستنتصر !! لم يذكر كيف !!
وننتظر سقوط المزيد وقامات دينية لم تملك شجاعة الاعتراف بأن هناك أخطاء في المؤسسات الدينية التي أفرخت إرهابيين وأعداء للوطن ولم تتخذ قرارا حاسما بعد ! وقضائية بعدم إجراء محاكمات استثنائية لقيادات الإرهاب في السجون الخمس نجوم.
وإعلام يصرخ ويصرخ يسب ويلعن وينفعل ولا تغيير... فالخونة كثر وأعداء الوطن متخفون ومنهم ظاهرون تجدهم في محافظ عنصري وفى رئيس جامعة متواطئ وقيادات أمنية مازالت تعمل لإرضاء نظام الإرهاب السابق.. وشعب أدمن الانفعال فقط.
بينما خرجت مصر من مرض لعين كاد يفتك بها مكث على صدرها سنة كاملة وفرح الشعب لعودة بلاده ليعود من جديد صراخ وانفعال في مرض فتاك لعين عدم المبالاة والانفعال لموت الضمير.
بينما الواقع يؤكد أن مصر في حالة حرب.. هل يستفيق شباب الوطن المنفعل على مدى الساعة على صفحات التواصل الاجتماعي ؟ حتى لا يصبحون شوكة في عين الحكومة التي تحارب في كل الاتجاهات؟
هل نرد الضربة على الإرهاب حتى نقضى عليه تماما قبل أن يقضى على ما تبقى لنا من مصر؟
وهل يرفع المزايدون أقلامهم عن الجيش حتى يقوم بمهمته المقدسة وهي تأمين الوطن ؟
Medhat00_klada@hotmail.com