رئيس التحرير
عصام كامل

أغلقوا الحدود واجمعوا السلاح


ذهبت إلى القنصلية لإصدار توكيل تأييد ترشح المشير عبدالفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة، وبينما أتأكد من الموظف من صحة اسم المشير كاملا، وجدت من يهمس في أذني "أوعي يقولك الاسم غلط لأن أي غلط يلغي التوكيل، والمشير محتاج أصواتنا عشان ينقذ البلد من الإرهاب، بعد ما خلصنا من الإخوان".. التفت إلى محدثي فوجدته في العقد الخامس من العمر وتبدو عليه الطيبة. ابتسمت لملاحظته، فقال "أنا من الصعيد الجواني، شفتي اللي بيحصل في أسوان؟!.. سمعنا أن سلاح القبائل أخذوه من الداخلية لمواجهة إرهاب الإخوان وقت فض الاعتصامات وبعدها رفضوا تسليمه للداخلية".. أنصت لما قاله وودعته لأنني تسلمت التوكيل، وظلت كلماته في ذهني.. إن كان صحيحا أن سلاح قبائل أسوان من "الداخلية"، فماذا عن السلاح الموجود في جميع المدن المصرية؟!.


أيا كان سبب مذبحة أسوان، فلابد من حل حاسم لاحتواء الأزمة، لأن المصري الطيب والمتسامح تحول إلى شخصية عنيفة، يستثار سريعا وينساق وراء الفتنة ويسفك الدم بقلب ميت.. وهنا يتعاظم دور الأزهر الشريف والكنيسة، لإعادة تأهيل الإنسان وهو أمر ليس عسيرا على رجال الدين، لأن المصري متدين بطبعه سواء كان مسلما أو مسيحيا. كما يجب على الإعلام أداء دور أكثر جدية ومصداقية بعيدا عن التهويل أو تلميع المحرضين والمتورطين، بل التعاون مع أهل الاختصاص "الوطنيين" وصولا إلى رؤية توقف نزيف الدم المصري.

نأتي إلى الأمر الأهم، لأن ما حدث في أسوان سبقه عشرات الحوادث المماثلة، وقد لا يكون الأخير، فهو حلقة من سلسلة تآمرية يراد من وراءها إغراق مصر في الفوضى والإرهاب... بدأت المذبحة بتحرش لفظي متبادل على جدران منازل قبيلتين، لكن هل من قبيل المصادفة أن يحدث كل هذا بعد يومين من استقبال المشير السيسي وفد رسمي يمثل أبناء النوبة، جاء لإعلان تأييده المشير وتقديم العون لحملته الانتخابية في أسوان..

كما حدثت المذبحة مباشرة في اليوم التالي لزيارة تميم ابن موزة إلى السودان ودعمها بمليار دولار... السبب إذن واضح تماما، فبعد فشل مخطط أميركا وقطر لتقسيم مصر عن طريق تسليم الحكم إلى "الإخوان"، حاولوا اذكاء نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط، وحين تكرر الفشل بدءوا السعي للضرب بين القبائل، اعتمادا على وفرة السلاح الذي قد يحول خلافا قبليا إلى حرب أهلية. وغدا سنسمع عن فوضى وقلاقل في حلايب وشلاتين، التي يسعى البشير "الإخوانجي" لضمها إلى بلده بعد أن تنازل عن نصف السودان لتصبح دولة ثانية مستقلة.

لابد أن تنتبه الحكومة إلى بوابة جهنم مفتوحة علينا من السودان، وقد كشف البشير عن وجهه القبيح بالوقوف ضد مصر في أزمة السد الأثيوبي، رغم أن بلده سيطولها الضرر مثلنا تماما، لكنه يظل جزء من المؤامرة، حيث أدخل إلينا شاحنات الأسلحة والارهابيين عن طريق الحدود البرية، كما كان نافذة لتهريب "الإخوان" المجرمين من مصر، ومن بلده غادروا إلى قطر وتركيا على وجه التحديد.

والأمر نفسه ينطبق على ليبيا التي يتحكم فيها تميم ومن قبله والده حمد وعن طريق حدودها الشاسعة مع مصر أغرقوا بلدنا بالسلاح، لنشر مزيد من الفوضى والإرهاب، وعندما سعى رئيس وزراء ليبيا على زيدان إلى التقارب مع مصر والتعاون لضبط الحدود بين البلدين، أوعز تميم لزبانيته لإقالة زيدان وتعيين من يستجيب للتعليمات. أما الجبهة الثالثة والطرف الأكثر تآمرا فهي "حماس" الإرهابية التي تحارب نيابة عمن يدفع أكثر...

والآن يجب على الحكومة إغلاق حدودنا تماما مع ليبيا والسودان وغزة وعدم السماح بفتحها تحت أي ظرف حفاظا على الأمن القومي، إلى أن تتمكن من استعادة الأمن داخليا، وفي الوقت نفسه تصدر قانونا لجمع السلاح دون استثناء، وتشديد العقوبة على من لا يسلم سلاحه طوعا.. وإن ترددت الحكومة أو تباطأت سنظل ندور في فلك الدم والفوضى والإرهاب بلا نهاية.
الجريدة الرسمية