رئيس التحرير
عصام كامل

الرويبضة "أبو إسلام"


ليس من بين المسلمين فى مصر وخارجها، من لا يسيئه ما يتقوله المدعو أحمد عبدالله، الملقب بـ"أبو إسلام"، وأشباهه من أدعياء العلم، على الرسول الكريم.


"أبو إسلام"،الذى ادعى على الرسول الكريم، من قبلُ، أنه كان يسبّ ويشتم، واصل أكاذيبه هذا الأسبوع،بأكذوبة جديدة، أفاد فيها بأن "محمدا"، كان يحرض على العنف، فى سياق دفاعه عن فتوى الدكتور محمود شعبان،الأستاذ فى جامعة الأزهر،والتى دعا فيها إلى قتل معارضى مرسى.

هكذا، تحول النبى الكريم،الذى بعثه ربه، هاديًا ومرشدًا، ومخرجًا للناس من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام،إلى محرض على القتل!!.

وسوف أحيل الرويبضة "أبو إسلام"، ورفاقه، فى السطور التالية، إلى كتابات عدد من الراسخين فى العلم،من القدماء والمحدثين، وليس من يتسولون من الناس، لشتم الإسلام مثله، ليعرف الرسول حق معرفته، ويقدره حق قدره.

لقد كان رسول الله نِعْمَ القائد والداعية والمربِّى؛ الذى يتعامل مع مشكلات المجتمع من حوله بمنطق واقعى متدرِّج؛ بداية من غرس المراقبة فى النفس الإنسانيَّة، ثم سدِّ كلِّ المنافذ التى تؤدِّى إلى حدوث المشكلة، وانتهاءً بالجانب العلاجى المتدرِّج عَبْر القوانين والتشريعات الحازمة؛ التى تُوقف كلَّ مَنْ تُسَوِّل له نفسه النَّيْل من المجتمع؛ فعاش لذلك المجتمع فى أمن وسلام.

كما اعتنى الرسول الكريم عناية كبيرة بنشر الأمن والأمان فى المجتمع الإنسانى كلِّه، واعتنى كذلك بمحاربة كلِّ أشكال العنف والإرهاب؛ لأنها تتنافى مع المعانى السامية والأخلاقيَّات الرفيعة التى حثَّ عليها الإسلام فى التعامل بين البشر جميعًا -مسلمين وغير مسلمين- فربُّنَا تبارك وتعالى هو القائل: "ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، وكانت سيرة رسول الله خيرَ تطبيق لهذه المعانى والقيم.

ولم يكن المجتمع الذى عاش فيه رسول الله بأحسن حالاً من المجتمعات العالميَّة الآن؛ فمشكلة العنف والإرهاب كانت متجذِّرة فيه بشكل رهيب، وتُمَارَسُ كأنها حقٌّ من الحقوق، فها هو ذا جعفر بن أبى طالب يصف للنجاشى حال المجتمع غير المسلم فى قريش قائلاً: "أيها الملك، كُنَّا قومًا على الشرك؛ نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونُسِىءُ الجوار، يستحلُّ المحارم بعضُنا من بعض فى سفك الدماء وغيرها، لا نُحِلُّ شيئًا ولا نُحَرِّمه...

ولمكافحة العنف والإرهاب، بدأ رسول الله حلَّه لهذه المشكلة بغرس خُلُق المراقبة فى نفوس أصحابه؛ فبهذا الخُلُق يحرص الإنسان على أداء حقوق الله وحقوق العباد، فلا يمارِسُ عنفًا أو إرهابًا؛ لأن الله مطَّلع عليه، ورقيب على سرائره، فعن معاذ أنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أوصنى. قال: "اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ".

كما حرص الرسول الكريم على إشاعة رُوح الرفق والعدل بين أبنائه، دون تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الدين أو العِرْق؛ فيقول رسول الله : "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ".

وكانت سيرة رسول الله القدوة والمَثَل فى ذلك؛ حتى ولو كان الأمر متعلِّقًا به هو شخصيًّا، وأمثلة ذلك فى السيرة كثيرة جدًّا؛ فعن عائشة -رضى الله عنها- أنها قالت: دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله ، فقالوا: السَّام عليكم، فقالت عائشة: فَفَهِمْتُهَا، فقلت: وعليكم السَّام واللَّعنة، فقال رسول الله: "مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ"، وفى رواية: "وَإيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ"- فقلتُ: يا رسول الله، أَوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟! قال رسول الله: "قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ".

كما أعلى الرسول الكريم قيمة الرحمة مع المخطئين، وهى من أعظم القيم التى يجب أن ينشأ المجتمع المسلم فى ظلِّها؛ لأنها تخلُقُ نوعًا من التعامل الرحيم البعيد كل البُعد عن العنف والإرهاب، ولننظر إلى سيرة رسول الله لندرك عظمة هذه القيمة عنده ، فعن أنس بن مالك أنه قال: بينما نحن فى المسجد مع رسول الله ‏ ‏إذ جاء أعرابى، فقام يَبُولُ فى المسجد، فقال ‏له أصحاب رسول الله : ‏مَهْ ‏مَهْ. قال: قال رسول الله : "لاَ تُزْرِمُوهُ، ‏دَعُوهُ". فتركوه حتَّى بال، ثمَّ إنَّ رسول الله ‏دعاه، فقال له: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَىءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ؛ إِنَّمَا هِى لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"، ثم أمر رجلاً من القوم فجاء بدلوٍ من ماءٍ ‏ ‏فَشَنَّهُ عليه، فهو هنا رسول الله يحلُّ الموقف برفق تامٍّ منع فيه الصحابة من العنف مع المخطئ، وعَلَّمه درسًا هادئًا رقيقًا دون تخويف ولا ترهيب.

كما عظّم الرسول الكريم من شأن قيمة الوسطيَّة والاعتدال، وعدم الغلوِّ فى الدين؛فقال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ؛ فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ، فالغلوُّ فى الدين باب يقود إلى العنف والسعى إلى إلزام المخالفِ رأيه بالقوَّة.

ثم تأتى قيمة المسالمة بين أبناء المجتمع، هذه القيمة التى ربط فيها النبى بين أفضليَّة الإنسان عند ربِّه وفى مجتمعه، وبَيَّن مدى مسالمته لأبناء هذا المجتمع، فعن جابر أنه قال: جاء رجل إلى النبى فقال: يا رسول الله، أى المسلمين أفضل؟ فقال: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ".

وأخيرا،ألم يأن للرويبضة "أبو إسلام" وأشباهه أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟.
الجريدة الرسمية