رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة سقوط بغداد.. الذكرى الحادية عشرة على المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية والخيانة العربية.. «بوش الابن» يعلن الحرب على «العراق» بكذبة أسلحة الدمار.. ابن عم صدام حسين يبيع بـ 5 ملاي


"ليس كل التاريخ مؤامرة ولكن المؤامرة موجودة في التاريخ .. إن من لا يرى مؤامرة في كل ما فعله الغرب في المنطقة منذ بدايات القرن الماضي، من وعد بلفور، وسايكس بيكو، وإقامة إسرائيل، وما فعلته منذ بدايات هذا القرن، لا يفرق بين «التمرة والجمرة».


تمر اليوم الذكرى الحادية عشر لسقوط العاصمة العراقية (بغداد) ،عاصمة الرشيد، والتى أطلق عليها (أبو جعفر المنصور) ثانى الخلفاء العباسيين "دار السلام" ، فأصبحت بلاد الرافدين تغرق في أنهار من الدماء.

أشعلت الحرب فتيل الطائفية والمذهبية والفتنة، في بلد كان ينظر إليه أنه أحد الدول العربية القوية بالمنطقة، من حيث عدد السكان واعتاد الجيش ونبوغ العلماء، ولكن بعد الحرب تفجرت أزمات التناحر والاقتتال والتنازع، ولم تنجح الحكومات المتعاقبة على السلطة فى تسوية الخلافات مع الجميع، بل هى من أوجدت مناخ الطائفية والفوضى باسم "الديمقراطية".

ففى التاسع من أبريل عام 2003 استيقظ الوطن العربى على خبر سقوط بغداد وانتشار الفوضى بشوارع العاصمة العراقية وأعمال النهب والسرقة المتعمدة من مرافقين قوات الاحتلال وسط اجتياح الاحتلال الأمريكى لشوارعها وشاهدنا إحدى الدبابات الأمريكية تسقط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين وسط تهليل المارة أو المرافقين للقوات الامريكية ، لم يكن المشهد مبهجا للكثيرين وان كان يشفى غليل البعض الآخر.

فجأة اختفت قوات الحرس الجمهوري التي يزيد قوامها على 50 ألف مقاتل مشهود لهم بشراسة القتال، وكذلك اختفت مدرعاتهم، اختفت عناصر جيش «فدائي صدام» الذين يزيد عددهم على 10 آلاف مقاتل وكانوا مستعدين لتفجير أجسادهم في وجه الغزاة.

كما اختفت الدبابات والصواريخ التى كانت تمتلك منها العراق المئات، ولم تنفجر الألغام التي أعلنت العراق عن زرعها في طريق القوات الأمريكية كما لم تشتعل النيران بخنادق النفط التي حفرها العراق وكان النظام يهدد بإشعالها في وجه الغزاة، كما توقفت المضادات العراقية وقبل السقوط بثلاثة أيام ،عن إطلاق النيران .

بدأت خيوط المؤامرة لتفتيت جيش كان يعد أحد أقوى جيوش المنطقة، منذ إعلان الرئيس الأمريكى (بوش) الابن حربه على ما يسمى بالإرهاب عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 وهو يلوح باستخدام القوة وتوجيه ضربة عسكرية للعراق ووافق الكونجرس الأمريكي في 11 أكتوبر 2002 على طلب الرئيس بمنحه الصلاحية لاستخدام القوة العسكرية ضد بغداد.

من جانبها أوفدت هيئة الأمم المتحدة فى نوفمبر 2002 لجنة للتحقيق والمراقبة والتفتيش والتى عرفت باسم لجنة «الأنموفيك» برئاسة «هانز بليكس» للتفتيش على أسلحة الدمار الشامل الموجودة فى العراق ، وفي مارس 2003 أصدر كبير مفتشي الأسلحة الدوليين في العراق (بليكس) تقريرا بأن العراق زاد من تعاونه مع المفتشين وطلب بمنحه مزيد من الوقت للتأكد من إذعان العراق للقرار ولكن سفير بريطانيا في الأمم المتحدة صرح في 17 مارس 2003 بأن السبل الدبلوماسية مع العراق انتهت، وتم إجلاء مفتشي الأمم المتحدة من العراق ومنح الرئيس جورج بوش ، صدام حسين مهلة 48 ساعة لمغادرة العراق أو مواجهة الحرب.

وقبل انتهاء عمل اللجنة وفى 19 مارس 2003 وجه الرئيس الامريكى (جورج بوش) ، خطابا للشعب الأمريكى أعلن فيه بدء قوات التحالف الحرب على العراق وقال "بدأت قوات التحالف ضرب اهداف عسكرية عراقية لتقويض قدرة صدام على شن حرب أو العدوان على أى بلد أخر، أن هذه هى البداية لحملة موسعة ومنسقة بين اكثر من 35 دولة من حلفائنا ، وتدعمنا تلك الدول سواء باستخدام قواعدها البحرية والجوية ،وتقديم المساعدة الاستخباراتية واللوجيستية ،ونشر القوات القتالية ،فتحملت كل دولة فى هذا التحالف بكل أمانة وشرف دورها فى دفاعنا المشترك ".
ويذكر أنه بعد أبريل سنة 2003 بأشهر، صرح (ديك تشيني) نائب الرئيس الأميركي (بوش)السابق لآرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل، أن الولايات المتحدة هاجمت العراق أولاً، وقبل أي شيء من أجل الدفاع عن إسرائيل".

وبعيدًا عن موقف الغرب من العراق إلا أن خيانة المقربين من الرئيس الراحل صدام حسين هى ما عجلت بالنهاية
محاولة اغتيال صدام فى 7 ابريل.
بدأت خيوط المؤامرة والخيانة بالانكشاف عند اطلاق شائعة مفادها أن صدام حسين قتل الى أن ظهر يوم 8 إبريل في الوزيرية والكاظمية، وظهر لهم ثانية في اليوم التالي في شارع 14 رمضان
و حسب اقوال مسئولون سابقون بالنظام العراقى (لوكالة الانباء الفرنسية ) ان صدام احس بوجود خائن بين طاقم الحراسة الخاص به، عقب قصف احد مقاره في بداية الحرب في 19 مارس ،مما دفع ذلك صدام إلى نشر معلومة بين اعوانه المقربين وحرسه عن اعتزامه بالتوجه إلى حي المنصور في السابع من ابريل ، وبمجرد وصوله دخل المطعم فعليا وخرج بسرعة من الباب الخلفي، وبعد دقائق قصف الطيران الأمريكي المبني بقنابل ثقيلة فتأكد صدام من خيانة حرسه الخاص فأمر باعدامهم جميعا.

كشف الجنرال الأمريكي (تومي فرانكس) قائد العمليات العسكرية في العراق ، فى مايو2003 عن احد اهم اسرار الحرب، عندما اعلن في تصريحاته لصحيفة "الاندبندنت البريطانية" ان القوات الأمريكية الخاصة قدمت رشاوى لكبار القادة العراقيين لضمان تحقيق فوز سريع وبأقل الخسائر، وقال ان بعض القادة العراقيين ارسلوا خطابات يؤكدون فيها للقوات الأمريكية انهم يعملون معها، وان ولاءهم لصدام حسين لم يعد قائما.
ورغم عدم الكشف عن قيمة الرشاوى، الا ان مسؤولا في وزارة الدفاع الأمريكية قال ان امريكا تجنبت اراقة الدماء بثمن صاروخ كروز الذي تتراوح قيمته ما بين مليون و5.2 مليون دولار.
كما كشفت مجلة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 26 مايو2003 عن تعرض الرئيس العراقي صدام حسين لخيانة من ابن عمه (ماهر سفيان التكريتي) قائد الحرس الجمهوري العراقي،واشارت المجلة إلى ان ماهر سفيان امر قواته بعدم الدفاع عن بغداد اثراتفاق عقده مع الأمريكان.
وتأكيد لتلك الرواية كشف مسئولون في النظام العراقي السابق (لوكالة الأنباء الفرنسية) في الأردن أن ثلاثة ضباط كبار في القوات المسلحة العراقية من اقارب صدام حسين، وهم: ماهر سفيان التكريتي قائد الحرس الجمهوري، وطاهر جليل التكريتي مدير المخابرات، وحسين التكريتي مدير مكتب قصي النجل الأصغر لصدام حسين تولوا مهمة تسهيل دخول القوات الأمريكية إلى بغداد عن طريق إصدار اوامر إلى وحدات الجيش بوقف اطلاق النار، وترويج شائعة عن مقتل صدام خلال غارة استهدفت مطعما في حي المنصور في العاصمة العراقية.
ايقن الرئيس الراحل تعرضه للخيانه بعد سقوط بغداد وهروبه الى جهة غير معلومة داخل العراق ،وفى 30 ابريل 2003 بعث رسالة من مخبئه أذاعتها القنوات الاخبارية العربية اشار فيها إلى أن الخيانة كانت وراء سقوط بغداد، قائلا :" لم ينتصروا عليكم يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من فى قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام إلا بالخيانة." 

هكذا سقطت بغداد وسقطت العراق بأجندة أمريكية إسرائلية وبتسيهل وخيانة عربية .
الجريدة الرسمية