دروس التاريخ.. لماذا هي في المدارس فقط؟
مادة التاريخ من المواد التي تمشي مع التلاميذ من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية. والتاريخ كما درسناه في المدرسة وكما لا يزال يدرس حتى الآن مزيف؛ لأنه باختصار تاريخ الملوك والأمراء والغزاة والفاتحين وليس تاريخ الشعوب. فنحن نعرف في المدرسة كل أسماء ملوك الفراعنة وإنجازاتهم الحربية بالأساس ولا نعرف من الشعب إلا الفلاح الفصيح وبسرعة. ونعرف في المدرسة ملوك اليونان والرومان ولا نعرف من الفلاسفة والعلماء إلا القليل ولا طبعا من الثورات التي قامت بها الشعوب ولا إنجازاتهم الفنية والأدبية. ونعرف من العصور الإسلامية في قوتها وانحطاطها كل أسماء ملوك الدول والخلفاء ولا نعرف شيئًا عن ثورات المصريين ولا إنجازاتهم الفنية والفكرية ولا شيئا من حياتهم اليومية مثل الأغاني والشعر وغير ذلك. في الجامعة يتغير الأمر لمن يدرس التاريخ في كلية الآداب بالطبع لكن سنين التكوين الأولى تكون كما يريد واضعو المناهج والحقيقة بما يعرفون، فهم أيضا لا يعرفون إلا ذلك خاصة بعد عشرات السنين مارسوا فيها ذلك. والذين يعملون بالسياسة يعرفون أن ما درسوه في المدرسة تاريخ رسمي حكومي؛ إذا جاز التعبير، وإلا ما عملوا بالسياسة للبحث عن الأفضل لشعوبهم. الشعارات التي يرفعها الكثيرون حتى إذا وصل بعضهم إلى الحكم عادت لما درسه من تاريخ تقليدي وأراد دخول التاريخ حتى لو على حساب شعبه. لم لا؟ كل الطغاة هم أبطال التاريخ في المنهج المدرسي. هذه حالة يمكن أن يتم تغييرها لكنها لا تتغير حتى الآن لا في الدراسة ولا في الحياة. وإذا كان الفرد يستطيع في الحياة أن يصل لما هو أفضل من الدراسة فستكون فائدته لنفسه وإذا لم يستطع سينشغل في الحياة بشيء آخر ولا مشكلة فليس من الضروري أن يعرف كل الناس التاريخ الحقيقي. في النهاية المسألة تتعلق بالماضي. وفي كل الدراسة هذه للماضي هناك دروس وعبر يتم تلخيصها ويحفظها الطلاب يلقون بها في الامتحان وتنتهي القصة. الكارثة هي في الحاضر حين لا يستفيد أحد من دروس التاريخ القديم. والأكثر كارثية حين لا يستفيد أحد مما ما زلنا نعيشه. فالإخوان حين وصلوا إلى الحكم خرجوا بسرعة لأنهم لم يتعظوا من درس التاريخ القريب، درس الثورة وأوله أنه لا قمع ولا دكتاتورية بعد اليوم. أغراهم طول العهد بنظام مبارك وأغفلوا الثورة والثوار وكانت النتيجة إخراجهم من الحكم بأسرع مما يتصورون أو يصل خيالهم إليه. الأمر نفسه يتكرر الآن للأسف. من ناحية قانون التحصين لقرارات لجنة الانتخابات الرئاسية ولقد حدث من قبل في انتخابات الرئاسة السابقة التي بمقتضاها نجح محمد مرسي ولم يكف الكلام حتى الآن عن التزوير. الثاني هو عمليات التعذيب التي تأتي أخبارها من السجون أو أقسام البوليس، الثالث هو الأحكام القضائية التي تبدو نوعًا من الانتقام وآخرها تحويل أوراق 539 منهم إلى المفتي وبين هذا كله قبض عشوائي وزوار ليل حتى غطت هذه الأخبار على العمل الحقيقي والمهم وهو كشف بؤر الإرهاب والقضاء عليها مبكرًا أو حتى المعارك مع الإرهاب. بلا شك غطى الحكم الأخير هذا على جريمة الإرهابيين في عزبة «عرب شركس» وهي التي بقدر ما آلمنا اغتيال شهداء الجيش بقدر ما سرنا الوصول إلى بؤرة إرهابية لديها كل هذه الأسلحة والمتفجرات. الإخوان في مصر كلها ارتكبوا من الجرائم ما لا يمكن غفرانه وهم بالفعل أصل الإرهاب لكن الأحكام لا تكون بهذه الطريقة. من يفعل ذلك ومن حصن اللجنة الانتخابية لا يفترقان. يتصوران أنهما يعملان من أجل الاستقرار. ودرس التاريخ يقول إنه لا استقرار إلا بالعدل. درس التاريخ القريب لو سمحتم.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com