لعن الله من أيقظها
من زار أسوان يدرك أن ما حدث فيها من اقتتال بين طرفين هو من قبيل الاستثناء، ومن عرف أسوان أيقن أن ما حدث هو من العوارض النادرة، ومن عاش مع أهل أسوان عرف أن ما حدث فتنة لعن الله من أيقظها، ومن راقب وحلل ورأى وشاهد ودقق أصبح في زمرة العارفين أن مصر الهادئة، الوديعة، الناعسة، النادرة كانت دوما ضحية هذه الجماعة، دون البحث والتمحيص ودون التدقيق والتفصيل، ودون معاناة في الإمعان تستطيع وأنت مطمئن إلى رؤيتك وتحليلك أن تصل إلى حد الثقة أن جماعة الإرهاب هي وراء كل فتنة، ووراء كل تخريب، ووراء كل تدمير.
إن بذور الأخلاق، والطيبة، والأصالة، والقيم الإنسانية في أسوان، تتناقض تماما مع جملة الأحداث التي توالت.. مخلفة دماء ومرارة وغصة في الحلوق كما هى حال مصر.. كل مصر.. فالدماء التي سالت أمام قصر الاتحادية، ومن قبلها في ميادين التحرير، وبعدها في رابعة والنهضة، كلها جاءت عقب لحظات استثنائية في تاريخنا.. ودون البحث ودون الفحص فإن كل دماء سالت كان وراءها جماعة ارتدت عباءة الدين وضللت الناس.
نعم الإخوان هم من ضللوا الناس في رابعة، وصدروا لهم وصية رسول الله لأمته بأن يصلى بهم محمد مرسي.. تراجع محمد بن عبد الله وقدم على نفسه محمد مرسي، وها هو جبريل آخر رسل السماء إلى الأرض يعود من جديد؛ ليصلى مع اتباع محمد بن مرسي، ومحمد مرسي نفسه ارتدى ثوب صديق العصر، وأصبح بين يوم وليلة سيدنا يوسف بن مرسي.
ونفس الجماعة هي التي نزلت بالسيدة العذراء إلى سماء رابعة توصي اتباع محمد مرسي بأن يحموا الإخوان بالشماريخ والمولوتوف والرشاشات.. تصوروا مريم البتول تهبط من عليائها لتوصينا بالانصياع للنبي الجديد.
وظل البسطاء والمساكين والمتمسكون بدينهم يتلقون أخبار نزول الأنبياء على رابعة، وقلوبهم تهفو شوقا إلى النصر أو الشهادة.. نعم لقد صورت لهم منصة رابعة أن شارع الطيران أضحى مهبطا للبراق، وأن خيمة المرشد التي تشابهت إلى حد التطابق مع خيمة مسيلمة، أصبحت صالة كبار الأنبياء وأنهم هبطوا من سمائهم إلى أرضه ليتبركوا به ويعلنوا له قسم البيعة.. أنبياء الله بايعوا محمد بديع !!
والمثير أن مسيلمة هرب ومعه أتباعه، وأيضا هرب بديع وأصحابه وتركوا الناس للموت، هربوا بأسلحتهم وقنابلهم.. وغدروا بالأتباع الذين انتظروا جبريل ومعه رفاقه؛ فلم يجدوا إلا الموت، وصدق فيهم قول سيدنا معاوية "قتلهم من أخرجهم ".. نعم قتلتهم الجماعة بالنصب والاحتيال، واللعب على عواطفهم الجياشة، وراحوا ضحايا جهلهم وضلال مسيلمة ومطامع الشاطر وبزنس الدين.
ومن عجب أننا ما زلنا نحاكم بعضهم على القتل والتخريب والتدمير، ونسينا أهم القضايا وهى التضليل.. نعم إن أكبر جريمة اقترفتها هذه الجماعة أنها تحدثت ولا تزال باسم الرب، تقتلنا باسم الرب وتحرق الجامعات باسم الرب، وتشعل الفتن باسم الشرعية، وتتحالف مع الصهاينة باسم الشريعة، وتتعاون مع الأمريكان باسم الانفتاح، وتحاصر البلاد والعباد وتتاجر بالوطن باسم السماء.