رئيس التحرير
عصام كامل

خطيب سوق الجُمعة!


تَجَشَّم الشيخ إياه عناء الوقوف على المنبر، في جامع ضخم بالعاصمة العربية، التي تبلغ مساحتها مترا في متر ورُبع، ثم تَجَشَّأ وهو يستعد لإلقاء خطبة الجمعة، والتي تحولت إلى خطبة سوق الجمعة، على يديه المتعطرتين بمصافحة اليهود، ولسانه الذي يلهج دائمًا بذكر أفضال لا نعرفها للجماعة الإرهابية، وحنجرته التي لا تتوقف ابتهالاتها بسيرة المُرشد والصبى بتاعه الذي تم زرعه في منصب رئيس الجمهورية قبل أن تخلعه ثورة يونيو، وبدأ في إلقاء تخاريفه الأسبوعية على السادة الحضور، الذين كانت كل جريمتهم في هذا الأسبوع، هي أنهم يقطنون في أماكن قريبة من هذا الجامع، أو يمرون من أمامه مصادفة وقت صلاة الجُمعة، فقرروا أداء شعائر صلاتهم في هذا المكان، الذي يستضيف خطيبًا وإمامًا يُعرف باسم (مفتى الناتو)!


ويبلغ الحماس بخطيب الناتو مبلغه، وهو يهز رأسه بخيلاء فوق المنبر، متصورًا أن الجالسين بالأسفل قدموا من بقاع الدُنيا ليستمعوا لخطبة العصماء، بينما معظمهم ومعظم مشاهدى الخطبة في التليفزيون، يتساءلون بدهشة عن كيفية صعود مثل هذا البائع الجائل للمنبر، ليحوّل خطبة الجمعة لما يُشبه سوق الجمعة، خاصةً بعد أن ينادى على بضاعته السياسية الرديئة، وعلى صدرها تنوَّر وعلى كتفها تنوَّر وفى أي حتة تنوَّر، ثم يتغزل في الجيش الإسرائيلى الطيب الحنين راعى حقوق البشر والبشرية، في مقابل الجيش المصرى المفترى الانقلابى، الذي يجوز قتل جنوده بدم بارد أو ساخن، المهم أن تسيل الدماء!

ولا ينسى أحد المُطالبة السابقة من شيخ سوق الجمعة للولايات المُتحدة بدعم الجيش الحُر السورى بالسلاح، مع تعهد شخصى منه، وحلفان يمين طلاق تلاتة، بأن هذا السلاح لن تخرج منه طلقة واحدة في اتجاه إسرائيل، ما يجعلنا نأسف بسبب تفضيل الشيخ لنفسه، وإطلاقه ثلاث طلقات بينما يستخسر طلقة واحدة تُطلق على إسرائيل، ويبدو أنه بيفكر يتجوز وزة جديدة كدة عندها سبعتاشر تمنتاشر سنة، وهو أمر ليس عيبًا ولا حرامًا، ولكن أمثال شيخنا المتخصص في السياسة لا في الدين، ممكن يحرموه ويعيبوه لو أرادوا، لكن إحنا مش زيهم، خليه يتجوز ويتمتع، لو كان يقدر يتمتع يعنى لا مؤاخذة!

المُهم، أنه بتعهده للولايات المُتحدة، بعدم إطلاق طلقة واحدة على إسرائيل، أثبت وجهة نظره الأخرى، وهى أن الأصدقاء والحبايب والإخوان في الجيش الإسرائيلى، "طيبين وكويسين وأخلاقهم عالية وحنينين أوي"، وبالتالى مستحيل نفكر نرفع عليهم سلاح، بس الجماعة إياهم بتوع الجيش المصرى، طبعًا نرفع عليهم كل أنواع الأسلحة، وممكن في خطبة الجُمعة الجاية، نقول إن الجيش الإسرائيلى بيطبَّق الشريعة الإسلامية كمان، بعكس الجيش المصرى العلمانى اللى ميعرفشى ربنا، وستكون هذه فتوى مقبولة من أنصار الشيخ وتياره الحامض، الذي سيرفع الفتوى فوق رأسه، مثلما يرفع حذاء مُرشده، وتخاريف مفتى الناتو، فوق رأسه أيضًا، ومثلما أصبح السفاح اليهودى (شيمون بيريز)، قاتل أطفال المسلمين والعرب، رئيسًا عظيمًا لإسرائيل الصديقة، وكمان صديقًا عزيزًا وغاليًا وأنتيمًا لـ(محمد مرسي)!

ويُقال أن جنود الجيش المصرى، الذين يفتى الشيخ المخرف في خطب سوق الجمعة الخاصة به بقتلهم شر قتلة، لم يهتفوا مطلقًا (الله أكبر) أثناء عبورهم لخط بارليف، لإلحاق الهزيمة العسكرية الوحيدة بإسرائيل (أم جيش حنين وإنسانى وشيمون بيريز صديقنا العزيز الجميل البريء)، ولكن الأصدقاء والحبايب والإخوان الإسرائيليين هما اللى كانوا بيهتفوا وقتها (الله أكبر) علشان كانوا خايفين من الحسد..

وكما سبق لـ(أوباما) الحصول على فتوى من شيخ سوق الجمعة، للدخول إلى ليبيا وتحويلها إلى دولة من القرن الخامس عشر، حصُل أيضًا على فتوى من نفس الشيخ، أبو سلاح مش هيقرَّب من إسرائيل، بالدخول إلى سوريا لإعادتها إلى نفس القرن، ويمكن ورا شوية كمان، كما سبق لـ(جورج بوش) الابن الحصول على فتوى من نفس القرن (عفوًا نفس الشيخ) لاحتلال العراق.. بينما لم يجد (بيل كلينتون) فُرصة لعمل شيئ مماثل، وأراد استغلال مواهب الشيخ القرن في الإفتاء، فحصل منه على فتوى صريحة بغزو (مونيكا لوينسكى) بما لا يُخالف شرع الناتو!
الجريدة الرسمية