"وداد الدمرداش" قادت العمال في تظاهرات المحلة 2006.. وطالبت مبارك بالرحيل في 2008 فرحلت هي عن عملها.. والثورة أنصفتها وأعادتها إلى مصنعها
إذا ذكر إضراب 6 أبريل قد لا يذكر الجميع اسم وداد الدمرداش رغم أنها أحد أعمدة الإضراب، ودفعت ثمنه من قوتها، فهي إحدى عاملات غزل المحلة، التي قادت العمال وقالت قبل الجميع لمبارك "ارحل".
وداد بدأت المعركة قبل الجميع في 2006 بعد إعلان عمال المحلة للإضراب، حينها تردد الرجال في المشاركة، وكانت المشاركة النسائية هي الأكبر خاصة وأن أحد المطالب كانت مساواة العاملات بالعمال؛ حيث كانت العاملات ومنهم وداد يتقاضين راتبا أقل من زملائهم الرجال بـ 150 جنيها رغم تساوي عدد ساعات العمل.
فبعد عمل 24 عامًا من العمل الشاق كان راتبها لا يتجاوز بضع المئات من الجنيهات التي لا تكفي احتياجات الأكل والمكسن وحاجة الأبناء، مما دفع وداد إلى الوقوف في ساحة الشركة والهتاف "الرجال فين... الستات أهم" مما دفع العمال للالتحاق بالإضراب، الذي استطاع انتزاع 89 جنيهًا أرباحا سنوية و21 يومًا منحة، وأصبحت أحد قادة العمال المعدودين بالمحلة.
ومع حلول 2008 كان سقف مطالب عمال المحلة قد ارتفع ليصل إلى المطالبة بإقرار الحد الأدنى للأجور، وربط الأجور بالأسعار، ووقف عملية الخصخصة، حينها كانت للمرة الأولى كلمة ارحل تقال بالمحلة ضد مبارك وعلى لسان سيدة هي وداد الدمرداش، وجاءت الهتافات مدوية "يا جمال قول لأبوك.. المحلة بيكرهوك" وغيرها من الهتافات، ونجح الإضراب بعد الكثير من الاشتباكات في البلدة الصغيرة، وتوقفت الخصخصة، وأصبح آخرون هم نجوم الإضراب.
وفي 2010 شاركت وداد ضمن مظاهرة ضد سياسة الإدارة التي أهدرت أموال شركة الغزل، ببيع الماكينات خردة، مما أدى إلى فصلها، وبعد الحصول على حكم من المحكمة بإعادتها للعمل، تم نقلها للعمل في الحضانة التابعة للشركة على قوة عاملات النظافة.
وقبل اندلاع ثورة 25 بيومين، انطلقت وداد ضمن وفد عمالي إلى القاهرة لمقابلة مبارك أثناء خطابه في عيد الشرطة حاملة ملفا يحمل كل المخالفات ومعها علم مصر، ولم تستجب للمنع وأصرت على مقابلته، ولم ترحل إلا بعد وعد من ضابط بحل أزمتها إلا أن الثورة كانت أسبق.
ورغم إغفال الإعلام المصري لدور وداد وزملائهم فقد احتفت جريدة "الواشنطن بوست" الأمريكية بها بعد الثورة؛ حيث كتبت الجريدة "إنه رغم أن ثورة 25 يناير قامت جزئيا؛ بسبب الدور الذي لعبه الشباب على شبكات المواقع الإليكترونية مثل الفيس بوك وتويتر، التي منحت الشباب منفذا نحو الحداثة والحرية التي أطاحت في نهاية المطاف بحكم الرئيس حسني مبارك، إلا أن النواة الحقيقية للثورة كانت متمثلة في شجاعة العاملة وداد الدمرداش التي نزلت في ديسمبر 2006 إلى شوارع المحلة داعية لإضراب عام في أنحاء البلاد.
ومضت الصحيفة تقول: إن شجاعة الدمرداش بدأت عندما لم تعد قادرة على شراء اللحم لأسرتها، فنظمت أول إضراب للعمال الغاضبين عام 2006 تعاظم شأنه عندما انقلبت دعوة إضراب شامل في البلاد يوم 6 أبريل عام 2008، هذا التاريخ الذي ألهم إنشاء حركة 6 أبريل على الفيس بوك، تلك الحركة التي حشدت المتظاهرين في ميدان التحرير في يناير2011 ".
ولم تكن الواشنطن بوست فقط من احتفت بوداد، فقد اختارت "مجلة النيوزويك" الأمريكية وداد الدمرادش ضمن قائمة 150 امرأة الأكثر شجاعة في العالم، وقالت المجلة: إن الاختيار نتيجة لدورها في إضراب المحلة، الذي كان تمهيدًا للثورة؛ حيث أضربت وداد عن الطعام 3 أيام في اعتصام داخل المصنع، الذي تعمل به عام 2006، وبعدها بعامين اندلعت أحداث المحلة، التي ألهمت العمال المصريين بأكملهم.