سمير جعجع من السجن إلى المنافسة على حكم لبنان.. حزب الله يناصبه العداء ودماء "كرامي" تلاحق تاريخه السياسي.. سوريا عقبة في طريقه لقصر "بعبدا".. والأسد يتربص له ويدعم "عون" لمقارعته بصناديق التصويت
لم يكن إعلان حزب القوات اللبنانية، أمس الجمعة، ترشيح سمير جعجع في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها شهر مايو المقبل، أمرا بالجديد أو المستغرب، خاصة أن السياسي اللبناني المسيحي أعلن مؤخرًا عزمه الترشح للانتخابات التي لا يمكن أن يتقدم إليها سوى مسيحي ماروني.
ويأتي الإعلان الرسمي لترشيح جعجع، ليؤكد أن ثمة حربا جديدة ستستمر بين المرشح الرئاسي القوى، وبين حزب الله الذي يناصبه العداء منذ وقت طويل، خاصة أنه لطالما خرج بالعدوان لنزع سلاح حزب الله، ويرى المراقبون للدولة اللبنانية أن الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله دعائم قوية لمنافسه ميشيل عون.
وكان جعجع، ٦١ عاما، أحد أبرز المشاركين في الحرب الأهلية اللبنانية، وجهت له اتهامات بارتكاب مجازر جماعية، وحكم عليه بالإعدام، الأمر الذي جرى تقليصه، ثم العفو عنه، ويأتي هذا بالرغم من أنه كان يلقب بالحكيم، وذلك لدراسته للطب، برغم أنه لم يكملها بسبب انضمامه للحرب التي استعرت خلال دراسته.
وسمير جعجع من مواليد ٢٥ أكتوبر ١٩٥٢، بعين الرمانة أحد ضواحي بيروت، هو الرئيس للهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية، والتي أعلنت ترشحه للانتخابات أمس الجمعة، وكان من الميليشيات السابقة التي لعبت دورا كبيرا في الحرب قبل تحولها لحزب سياسي.
لـ""جعجع" مسار حافل بالأزمات والحروب والمكائد والانقلابات والسجن الذي امتد لما يزيد على عشرة أعوام، ففي أعقاب دخول الجيش السوري إلى لبنان التحق بالقوات اللبنانية التي جرى تشكيلها بدعوة من بشير الجميل، وكان من بين ما قام به أن قاد مجموعة القتال التي أرسلها الجميل إلى إهدن لمحاربة النائب طوني فرنجيّة زعيم ميليشيات المردة ضمن خطته لتوحيد البندقية المسيحية.
بعد تنامي سيطرته وقيامه بانتقاد الزعامات المسيحية التي وصفها بالتقليدية تم طرده من حزب الكتائب فقام بانتفاضة على رئيس ميليشيات القوات "فؤاد أبو ناضر" مع "كريم بقرادوني" و"إيلي حبيقة" عام 1985، حيث أصبح "إيلي حبيقة" القائد العام للميليشيات، إلا أنه أطاح به في يناير 1986 وتسلم القيادة مكانه وذلك بعد توقيع حبيقة على الاتفاق الثلاثي مع رئيس قوات حركة أمل نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط برعاية سورية، وخاض جعجع أيضًا حربا شرسة ضد الجيش اللبناني بقيادة ميشال عون سميت بحرب الإلغاء.
وفي العام 1994 سجن جعجع بسبب اتهامه بتفجير كنيسة سيدة النجاة في كسروان، إلا أنه حصل على براءة من هذه التهمة لتتم محاكمته فيما بعد بتهمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي ورئيس حزب الوطنيين الأحرار داني شمعون.
ومن بين الاتهامات التي وجهت له أيضًا التهمة باغتيال النائب طوني فرنجيّة ابن الرئيس سليمان فرنجيّة وعائلته في إهدن، وهي ما أطلق عليها مجزرة إهدن، وحكمت المحكمة عليه بالإعدام، إلا أن الحكم خفف من قبل الرئيس إلياس الهراوي إلى السجن مدى الحياة، كما تم الحكم بحل القوات اللبنانية.. أطلق سراحه عبر عفو نيابي خاص من قبل المجلس النيابي، بعد خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005.
وعاد جعجع بعد ذلك لممارسة نشاطه السياسي على الساحة اللبنانية، وهو معروف بموقفه ضد حزب الله، ومعارضته ووقوفه ضد نظام بشار الأسد في سوريا، وضد الدعم المقدم له من جانب حزب الله، بل ونقل عنه مقربون منه قوله إنه مستعد لحلق شاربه لو مر العام ٢٠١٢ وبشار لا يزال في الحكم.