وما زال الصراع طويلًا وممتدًا
يبدو أن النشوة التي انتابت البعض لدى إعلان السعودية الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية" كانت حالة مبالغًا فيها، فما زال للجماعة داعمون من الكبار فضلًا عن الصغار.
يضاف إلى ذلك تلك الممارسة التي اعتادها البعض من تصوير مصر وكأن هؤلاء يرونها محور الكون وقلب العروبة النابض وأن قرار دول الخليج بسحب سفرائها من دويلة قطر جاء حبًا في مصر دون أن تكون هناك أسباب وبواعث أخرى، من ضمنها محاولة قطر لعب دور (مستقل) في الأزمة السورية وفتح قنوات اتصال مع إيران وحزب الله دون أخذ الإذن ممن يعتبرون أنفسهم وحدهم أهل الحل والعقد!!
كيف يصدق البعض أن ثمة من يرى مصر قلب العروبة النابض في حين أن العروبة المعاصرة أضحت بلا قلب، حيث يجري البحث عما تبقى لها من أشلاء.
الواقع يقول إن القرار السعودي ضد قطر والإخوان لم يحسم الصراع لصالح الجناح المعادي للإخوان، وكما تقول السفيرة اللبنانية في تغطيتها لزيارة أوباما للرياض: لقد حاول السعوديون الحصول من الإدارة الأمريكية على التزام واضح فيما يخص تعاملهم مع حركة «الإخوان المسلمين»، غير أن الأمريكيين رفضوا تقديم أي التزامات.
بل إن بعض الدبلوماسيين الأمريكيين بادروا غداة زيارة أوباما إلى طرح أسئلة من نوع كيف يطرح السعوديون قضية توسيع مجلس التعاون لكي يضم المغرب والأردن، وهم يدركون أن هناك حكومات حليفة لهم برئاسة (إخوانيي المغرب) ومجالس نيابية في الخليج نفسه (الكويت) فيها حضور وأن لـ«الإخوان»، فضلا عن تحالفات لحلفاء للسعوديين في ساحات عدة مع «الإخوان» مثل اليمن ولبنان وهل يمكن لأي جهة دولية أن تدير ظهرها لحركة مثل النهضة في تونس؟ أو تركيا المحكومة من (حزب العدالة) أحد أبرز أعضاء التنظيم العالمي للإخوان يضاف إلى ذلك أن واشنطن رفضت الضغط على الدوحة: هم ملتزمون بضمان أمنها كما يلتزمون بضمان أمن السعودية.. انتهى.
الحديث إذًا عن ضربة قاضية وجهتها السعودية للجماعة الإخوانية عندما اعتبرتها إرهابية أو عندما أعلن بعض هذه الدول عن سحب سفرائها من قطر لا يعدو كونه مجموعة من المبالغات وكلها نقاط سجلت في صراع طويل وممتد لن يحسم إلا بتراكم النقاط.
يبقى الأهم من حروب تسجيل النقاط المشار إليها هو دور مصر الثقافي الوازن، القادر إذا سلمت النوايا على تصحيح الاعوجاجات التي أصابت الفكر الإسلامي طيلة القرون الماضية، وإعادة توجيه مسار الأمة حتى وإن استغرق ذلك مزيدا من الوقت والجهد.