"السيسي" مرشحًا.. ورئيسًا
أخيرًا وضع المشير عبد الفتاح السيسي نهاية للجدل الذي كان قائمًا بين المهتمين بالشأن العام في مصر وخارجها، إذ كان السؤال المطروح هو: هل سيرشح السيسي نفسه أم لا؟ بعد أن رتب الرجل أوراقه، واطمأن على الأوضاع داخل القوات المسلحة، قام بوضع النقاط على الحروف وأعلن مساء يوم الأربعاء ٢٦ مارس ترشحه لرئاسة مصر..
صحيح كان الأمر بالنسبة للكثيرين "تحصيل حاصل"، والموضوع مسألة وقت ليس إلا، لكن بالتأكيد هناك فرق.. أعتقد أن الملايين في مصر، وخارجها، إقليميًا ودوليًا كانوا منتظرين أو مترقبين لهذا الإعلان.. طبعًا، هناك من فرح وسعد به، وهناك من حزن وشقى، وكان يأمل حتى اللحظات الأخيرة ألا يقدم الرجل على الترشح للمنصب.. من المتوقع أن تكون هناك مسيرات ومؤتمرات مؤيدة للسيسي حتى يوم التصويت.. بالمثل، من المتوقع أن تكون هناك تظاهرات ومؤتمرات معارضة حتى بعد يوم التصويت.. ترى، ما الذي تحمله الأيام المقبلة؟ هذا ما تتفاوت فيه الآراء والتقديرات..
السؤال المطروح الآن ليس هو: هل يفوز المشير السيسي في انتخابات الرئاسة أم لا؟ لكن السؤال هو: ما نسبة الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها؟ وما نسبة الإقبال على لجان التصويت؟ في تقديرى وتقدير الكثيرين إن فوز الرجل أمر منته ولا خلاف عليه، وإنه سوف يحقق نسبة عالية من الأصوات، ربما تتجاوز ٧٠٪.. لكن نسبة الإقبال قد تفوق قليلا نسبة من حضر الاستفتاء على دستور ٢٠١٤..
حمدين صباحى سوف يكون منافسًا قويًا، ورغم التأكد من فوز السيسي، فإن حمدين ومريديه لن يستسلموا، وأتوقع أن يخوضوا معركة الانتخابات ببسالة، فالمسألة متعلقة بمصير ومستقبل التيار الشعبى وما يمثله من نضال؛ أولا: لإثبات الوجود من ناحية، وثانيا: لتحقيق معارضة قوية من ناحية أخرى.
لا أحد ينكر أن التركة خربة، والعبء ثقيل، ويحتاج إلى همم وعزائم الرجال.. ولا أحد ينكر أيضًا أن الإحباط، وعدم الثقة، والتشرذم، والتدهور القيمى والأخلاقي والإيماني والإنساني أصبحت سمات المرحلة على المستوى المجتمعى العام.. ولا أحد ينكر كذلك أننا نواجه موجة من العنف والإرهاب، فضلًا عن محاولات عبثية يقوم بها فصيل من أبناء الوطن مؤيدًا ومدعومًا من قبل قوى خارجية، في إشاعة الفوضى، وذلك كله يؤثر بالسلب في الأمن والاستقرار والوضع الاقتصادي.
الخلفية العسكرية للمشير السيسي، تعنى تحقيق الانضباط على مستوى الدولة، وكمقاتل؛ المواجهة الحاسمة مع الإرهاب والفوضى، وعدم التهاون في متابعة واستئصال بؤر الفساد، وكرئيس سابق للمخابرات الحربية؛ وجود رؤية إستراتيجية في التعامل مع الأوضاع الإقليمية والدولية، بما يحفظ المصلحة العليا لمصر، والاستقلال الوطنى، فضلًا عن الظهير القوى للدول العربية في مواجهة أطماع الآخرين، أقصد أطماع الإدارة الأمريكية، والعدو الصهيونى، وإيران.. سوف يكون مطلوبًا من السيسي على وجه السرعة - إضافة لما سبق - أولا: إحياء الأمل لدى المصريين، ثانيا: استعادة لحمة وتماسك وقوة الجبهة الداخلية، ثالثًا: إقامة دولة سيادة القانون، وأنه لا يوجد أحد، مهما كانت مكانته ومنزلته، فوق القانون، ورابعًا: تحديث الجهاز الإداري للدولة بما يواكب متطلبات العصر.