رئيس التحرير
عصام كامل

مفتي أوكرانيا: المسلمون في بلادي يتعرضون لحملات تكفير


  • لا يوجد توزيعات على حسب الانتماء الدينى " كوتة" في القانون الأوكرانى 
  • الغالبية العظمى من مسلمى أوكرانيا من أهل السنة 
  • مسلمونا يواجهون مشكلة مالية في تأدية فريضة الحج
  • نحتفل بكافة الأعياد والمناسبات الدينية بكل حرية
  • أعداد المسلمين في تزايد وهناك من يدخل في الإسلام يوميا
  • اضطهاد المحجبات كان يتم في السابق وحرية ممارسة الشعائر مكفولة الآن
أوكرانيا هي إحدى الدول التي كانت تشكل ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي وهي تقع وسط أوربا وعدد سكانها 63 مليون نسمة يتكونون من خليط من القوميات المختلفة ويزيد عدد المسلمين فيها على مليوني مسلم، وفي العاصمة كييف وحدها يوجد نحو 45 ألف مسلم، وقد حصلت جمهورية أوكرانيا على الاستقلال سنة 1990، وفي سنة 1993 تأسست أول إدارة دينية لمسلمي أوكرانيا، وقد استمر الوجود الإسلامي في هذا البلد نظرا لوجود قوميات مسلمة مثل التتار الذين كانوا يحافظون عل هويتهم الإسلامية تحت غطاء الحفاظ على العادات والتقاليد فكانوا يحفظون القرآن ويؤدون واجباتهم الدينية سرا، لكن بعد الاستقلال وخصوصا بعد أن أصبحت للمسلمين إدارة دينية تعمل بقواعد معترف بها من طرف القوانين الأوكرانية تم لم شمل المسلمين من جميع القوميات وزاد الاهتمام بإظهار الشعائر الإسلامية عن طريق فتح المصليات والمقابر الإسلامية، كما تم الاهتمام من قبل المسلمين بتغيير نظرة المجتمع الأوكراني غير المسلم للمسلمين من خلال إلقاء المحاضرات وطباعة بعض الكتب باللغة الروسية.
"فيتو" حاورت الشيخ أحمد تميم مفتى أوكرانيا خلال حضوره مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر مؤخرا.

*كم عدد المسلمين في أوكرانيا ؟ وهل يتمتع المسلمون فيها بحرية العبادة وأداء الشعائر الدينية ؟
يمثل المسلمون 4% من نسبة السكان في أوكرانيا وطبقا للقوانين الوضعية في أوكرانيا للمسلمين الحق في ممارسة شعائرهم الدينية، وهناك بعض الترتيبات والدولة هي التي تعطى الأمر ببناء المساجد وبدون مقابل، ولكن هذا الأمر فيه إشكالية أن بعض المناطق قد لا نستطيع توفير هذه الأرض مجانا، أما في الأمور الأخرى لا يوجد أي مشاكل بالنسبة للمسلمين، والفضائية الأوكرانية الرسمية خصصت برنامجا أسبوعيا مدته 10 دقائق للتعريف بالدين الإسلامي بالإضافة إلى وجود معهد شرعى يعادل الأزهر الشريف على مستوى الإعدادى والثانوى. 

*ما هي سبل التعاون مع الأزهر الشريف ؟
هناك تنسيق مع عدد من المؤسسات التربوية والتعليمية الدينية وأهمها الأزهر الشريف ونطمع أن نبقى على تواصل دائم مع الأزهر حيث كان يأتينا مدرسون من الأزهر الشريف لتعليمنا اللغة العربية كما يوجد مشروع لإنشاء فرع للأزهر الشريف بأوكرانيا قريبا، ونرسل أحيانا الأطفال الأوكرانيين والحافظين للقرآن الكريم للمشاركة في مسابقات القرآن الكريم، وسيشارك بالفعل قريبا أحد الأطفال الأوكرانيين بإحدى هذه المسابقات في مصر.

*ما هى المذاهب المنتشرة بين مسلمى أوكرانيا؟ وكيف تحتفلون بالأعياد الدينية؟
الحمد الله الغالبية العظمى من مسلمى أوكرانيا من أهل السنة ومنهم من يتبع المذهب الحنفى ومنهم من يتبع المذهب الشافعى، كما أن هناك طرقا صوفية وهى القادرية والرفاعية ونحتفل بكافة الأعياد والمناسبات الدينية بكل حرية خاصة الاحتفال بشهر رمضان وعيد الفطر المبارك وعيد الأضحى وكذلك المولد النبوى الشريف، وتقوم فرق الإنشاد بإحياء المولد باللغة الروسية والأوكرانية والتركية وحتى باللغة العربية، ونستغل تلك المناسبات والاحتفالات لدعوة غير المسلمين للاحتفال معنا والتعريف بالدين الإسلامي لدعوتهم للدخول فيه ونشارك في الندوات بالجامعة ونفتح المساجد لاستقبال أطفال المدارس لتعريفهم مبادئ الدين الإسلامي، وهناك مادة للتعريف بالإسلام وهى حصة واحدة في العام ونحاول أن نكون نحن المتكلمون فيها من خلال زيارتنا للمدارس أو المعاهد أو دعوة طلاب المعاهد والمدارس للحضور إلى المسجد وحضور تلك الحصة بالمسجد لإلقاء الضوء على المفاهيم الإسلامية الصحيحة.

*هل تتزايد أعداد المسلمين في أوكرانيا؟ وما دوركم في نشر الدين الإسلامي ؟
الحمد الله هذا الأمل يتحقق حتى في القرى ونقول صراحة إن هناك من يدخل في الإسلام يوميا، وأغلب هؤلاء هن النساء ويتحجبن ويتعلمن علم الدين الضرورى، فأول ما نفعله هو أن ننشر بين العامة العلم الدينى الضرورى أو ما نسميه نحن بـ «علم حال» أي ما نحتاجه كل يوم، لأنه هو المشترك بين عامة المسلمين وفق قول النبي صلى الله عليه وسلم «طلب العلم فريضة على كل مسلم». فطلب العلم الواجب "فرض عين"، ومن يريد أن يتبع المذهب المالكى نعلمه أصول المذهب المالكى ومن يريد أن يتبع المذهب الحنفى نعلمه كذلك لأن العقيدة واحدة

*كيف ينظر المجتمع الأوكرانى للمرأة المسلمة المحجبة ؟
كان سابقا يتم اضطهاد المحجبات، أما الآن كل الحريات مكفولة وللمسلمين حرية ممارسة شعائرهم كاملة ولدينا لجنة نسائية تجتمع أربع أو خمس مرات في السنة وتقوم بعقد نداوت للتعريف بنشاط المرأة المسلمة وحقوقها وعن الأسرة المسلمة وكيفية تربية الأطفال وندعوا غير المسلمات أيضا لحضور تلك الندوات، كما أن لدينا موقعا إلكترونيا خاصا بالمسلمين في أوكرانيا وهناك أبواب مخصصة للنساء مسلمات وغير مسلمات، وهناك صفحة خاصة لهن لمناقشة مواضيع الحيض والاستحاضة وفن الطبخ والموضة وكيفية ارتداء الحجاب وهناك ترتيبات خاصة لهن يقمن بها بأنفسهن. 

*ما هي أوجه الاهتمام بالطفل المسلم ؟
لا ينفصل الاهتمام بالأطفال عن نشاط النساء المسلمات عادة، وهناك محطة راديو عبر الإنترنت تبث محاضرة ثلاث مرات أسبوعيا تتحدث عن أصول تربية الطفل المسلم ونناقش من خلالها مواضيع متنوعة ومختلفة ونبث أيضا برامج للأطفال.

*هل يستطيع مسلمو أوكرانيا تأدية فريضة الحج ؟
للأسف عندما يكون الكلام عن المال والتمويل يرى الإنسان بعض المصاعب ونرجوا من الله أن يتحلى أصحاب المسئولية بالحكمة في التصرف وأحيانا تنظم بعض الشركات التجارية هذه الرحلات ولكنها تكون باهظة الثمن.

*كيف تصف العلاقات التي تربطكم بالدول العربية والعالم الإسلامي ؟
انشغال الأمة العربية وانتشار الفتن في مجتمعات الأمة المسلمة جعل الكثير يغض الطرف عنا إن كان يتذكرنا وجعل البعض الآخر ينسى وجود الأقليات المسلمة في المعمورة وهذه الأقليات المسلمة في بادىء الأمر كان يأتيها دعاة معتدلون من جهات رسمية محترمة من دول عدة، ولكن الآن يوفد إليها الكثير من جماعات حولت الدين إلى سياسة وصرفت الكثير من الأموال على طباعة الكتب المترجمة للغات هذه الأقليات لتنشر أفكارها الفاسدة وتجد ضالتها في بعض المغرر بهم لاستغلالهم في التمادى في نشر تلك الأفكار الغريبة عن معتقدات الدين وأغلبها لها طابع تكفيرى.

*هل لديكم ممثل سياسي في البرلمان الأوكرانى ؟
لا يوجد توزيعات على حسب الانتماء الدينى" كوتة" في القانون الأوكرانى لإعطاء مقاعد بنسب معينة لأحد الديانات، ولكن هناك أحزاب وتكتلات حزبية لممثلين قد يكون منهم من بعض القوميات التي هي أصلا قوميات إسلامية وهؤلاء الأشخاص رجال سياسة ولهم مصالحهم وقد تكون مصلحتهم مع المسلمين أو مع غير المسلمين لذلك ندعوا الله عز وجل أن يلهم السياسيين إن كانوا مسلمين أو غير مسلمين بأن ينظروا إلى أحوال وأوضاع أبناء المجتمع. 

*ما دور المسلمين في السياسة ؟
عندما يكون هناك نضج في المفهوم الدينى عند رجال السياسة والاقتصاد فتكون لهم الغيرة الأكبر على أحوال المسلمين في مجتمعاتهم، فهذا ما نتمناه في المستقبل، ولكن أحيانا نجد غير المسلمين يعرضون المساعدة أكثر من المسلمين.

*هل هناك مشاكل في رفع الأذان ؟
لا يوجد أي مشكلة في ذلك ولدينا مسجد يستوعب نحو 3 آلاف مصلٍ بالعاصمة الأوكرانية "كييف" ومئذنته ارتفاعها 30 مترا، ولكن بخصوص استخدام مكبرات الصوت في رفع الأذان في الأيام العادية فلم نجد لها داعٍ بما أن المحيطين بالمسجد أغلبهم من غير المسلمين طالما أن المحيط لو سمع لن يأتى، والمقصود برفع الأذان استقطاب العامة الموجودين حول المسجد لإشعارهم أن وقت الصلاة قد حان، ولكن نستخدم مكبرات الصوت لرفع أذان وخطبة صلاة الجمعة، وصلاة العيدين وتكبيرات العيد ويسمعها كل المحيطين بالمسجد فنحن إذن نتعامل مع الأمر بحكمة. 

*كيف تقومون بالتضحية والذبح الحلال ؟
نحن نخصص أمام المساجد ساحة للأضاحى ونتفق مع بعض التجار لجلب الأنعام إلى تلك الأراضي لبيعها وعندنا أشخاص متخصصون يتبرعون لهذا الأمر ومن يريد أن يضحى نقوم بذلك في تلك الساحة ومن يريد أن يذبح عقيقة أو ما شابه ينسق معنا كذلك، وهناك منسقون لأبناء القوميات ومسئول كل قومية يعد قوائم بأسماء المحتاجين من أبناء قوميته لتوزيع الأضحية عليهم، وفى الحياة اليومية هناك محال لبيع اللحم الحلال كما أن هناك مركزا لتوثيق الحلال وهناك اتفاق مع عدد من الشركات التي تنتج اللحوم للذبح على الشريعة الإسلامية ونراقب الذبح بها ونؤمن أحيانا بعض موظفينا للقيام بهذه المهمة ونعطيهم التصريح بالتوثيق "حلال" مما يسمح لهم ببيع هذه المنتجات لمسلمى أوكرانيا،كما هناك جزء ملحق بالمسجد يبيع أيضا اللحوم الحلال من فراخ ولحوم حمراء.

*حدثنا عن التكافل الاجتماعى بين مسلمى أوكرانيا وزكاة الأموال ؟
بعض الأمور تعود إلى مستوى المسئولية عند رجال الأعمال المسلمين والأشخاص المفروض عليهم الزكاة، وهؤلاء الأشخاص نحن نحاول أن نعلمهم الترغيب في الزكاة والبعض يتجاوب معنا ويصرف بنفسه على من هو أقرب له ويحتاج للزكاة أو يوكلنا نحن لصرف الأموال في مصارفها الشرعية.
الجريدة الرسمية