«الواقعين» من حسابات حكومة «الرضاعة»..
فى الوقت الذى يتفرغ فيه الدكتور "مرسى العياط" وجماعته لتعليق شماعة فشله على المعارضة، وتوزيع الاتهامات على جماعة "بلاك بلوك" وقيادات جبهة الإنقاذ، بأنهم يدبرون المؤامرات للإطاحة بالحاكم الشرعى من سدة الحكم، يتجاهل النظر إلى الغالبية العظمى من الشعب، وهم "الفقراء"، عفوا مَنْ هم تحت خط الفقر المدقع.
وما أعنيه هم طبقة المهمشين ومعدومى الدخل، وسكان العشوائيات، وقاطنى القبور، الذين يتساوى عندهم الموت والحياة، وإن كانوا يعتبرون الموت أرحم بالنسبة لهم، فى ظل عدم الاعتراف بهم، والنظر إليهم على اعتبار أنهم "عالة" على الحكومة "القنديلية"، وعالة على الرئيس المؤمن المسلم الذى أكد أنه لن يغمض له جفن وأحد المواطنين جوعان.
هؤلاء لا يشغلون أنفسهم بالسياسة ودهاليزها وألاعيبها القذرة بقدر ما يشغل بالهم توفير قوت يومهم، وتأمين احتياجاتهم اليومية لهم ولأولادهم، ولا أبالغ حينما أقول إن معظمهم لا يشغل باله بمن يحكم البلاد.. مسلم أو ليبرالى أو علمانى أو قبطى أو يهودى؛ لأن كل ما يؤرقهم هو الحصول على الطعام، والطعام الذى تعرفه هذه الطبقة هو "الرغيف" أبو "شلن" و"الفول والطعمية"؛ لأنهم يعتبرون أن "المحمر والمشمر" هو طعام النخبة، وأن مجرد التفكير فيه "رجس من عمل الشيطان".
هذه الطبقة لا تفهم المصطلحات "المجعلصة" التى يطلقها الرئيس وحكومته، ولا تعير كلام النخبة والساسة الذين يظهرون يوميا فى الفضائيات أى اهتمام، رغم أنهم يفهمون فى السياسة أكثر من بعض المتخصصين؛ لأنهم يمارسون السياسة على أرض الواقع، وليس من خلال الشعارات والنظريات الموجودة فقط فى الكتب المركونة على أرفف المكتبات.
هذه الطبقة لم تكن تعنيها صناديق "الانتخابات" وما يحدث فيها من تجاوزات وتزوير للأصوات، بقدر ما تعنيها صناديق "القمامة" التى يبحثون فيها عن "لقيمات" تسد جوعهم وجوع أولادهم، أو ربما وجدوا فيها أشياء تغنيهم عن سؤال اللئيم،
هؤلاء علقوا آمالا عريضة على "الثورة" التى نادت بما كانوا يحلمون به "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية"، لكنهم اكتشفوا أن "العيش" سيكون "ثلاثة أرغفة" فقط قابلة للنقصان، وأن "الحرية والعدالة" أصبحت اسم لحزب "الجماعة" التى ينتمى إليها الرئيس الذى وصل إلى الحكم بأصواتهم، وأن كرامتهم انتقلت إلى رحمة الله.
إن الكادحين البائسين الواقعين من حسابات الرئاسة وحكومة "الرضاعة" يتزايدون يوما بعد يوم، كما تتزايد مشاكلهم وهمومهم، يصرخون دون أن يسمعهم أحد، يئنون دون أن يحس بهم أحد، يموتون دون أن يشعر بهم أحد، لم يشاركوا فى مليونيات "الشريعة"، ولا مليونيات "الرحيل" وإسقاط النظام الإخوانى، وحتى الآن منتظرين "فرج الله"، لكن أعتقد أن انتظارهم لن يدوم طويلا، فإذا خرجوا من "القمقم" فسيكون "مرسى"، الذى وعد بنقلهم من "القبور" إلى "القصور" هو أول ضحاياهم.