رئيس التحرير
عصام كامل

الجماعة الإسلامية تتخلى عن «الإرهابية» بصفقة «المراجعات الأمنية».. الابتعاد عن السياسة 5 سنوات والخروج من «التحالف الوطني» أبرز التضحيات.. جهود لاستعادة القيادات المهاجرة


«صفقة المراجعات».. الأمر الوحيد الذي تتقنه قيادات الجماعات الإرهابية.. «الدين الآمن» الذي أنقذها في تسعينيات القرن الماضى.. واليوم تعيد طرحه في «السوق السياسي» بعدما فشلت في تسويق منتج «الشرعية».. الذي أنتجته جماعة الإخوان الإرهابية.. ولعبت الجماعة الإسلامية دور «الموزع".



كشفت مصادر من داخل الجماعة الإسلامية أن قياداتها بدأت خلال الأيام الماضية في إطلاق أكبر حملة لمواجهة الفكر التكفيري بالمحافظات المختلفة، خاصة بمناطق الصعيد بالاتفاق مع الجهات الأمنية لتقديم تسهيلات للجماعة، بعد أن توسطت لها مشيخة الأزهر لدى أجهزة الأمن لهذه المراجعات، مقابل الابتعاد التام عن جماعة الإخوان وتجنب العمل السياسي لمدة خمس سنوات.

المصادر قالت إن عبود الزمر القيادى التاريخى للجماعة الإسلامية توصل لاتفاق مع عدد من قيادات المنشقين للجماعة، على رأسهم كرم زهدي، مؤسس جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، بعد رحيله عنها، وذلك لإعادته ومن معه من القيادات التاريخية للجماعة، وترك الانقسام.

«الزمر» يسعى لضم «زهدي» لصفه في محاولة للابتعاد عن العنف وتقليل حدة الاحتقان بين أجهزة الدولة والقيادات السلفية بالجماعة الإسلامية، التي تسبب فيها طارق الزمر وعاصم عبدالماجد، وبالفعل نجح عبود الزمر في إطلاق حملة لمواجهة الفكر التكفيرى بين أبناء الجماعة، بحسب مصادر مقربة من الزمر.

«الأزهر والنور يدعمان»

المصادر نفسها شددت على أن قيادات الجماعة الإسلامية قررت تجميد عضويتها هي وذراعها السياسية «حزب البناء والتنمية» داخل التحالف الوطنى الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي، في خطوة لإصلاح البيت من الداخل، وعلاج أزمة الانشقاقات القوية التي ضربت الجماعة.

ولفتت إلى أن اجتماعًا عقد بين قيادات الجماعة الإسلامية القدامى أمثال الدكتور عصام دربالة وكرم زهدى وعبود الزمر وقيادات أخرى، وتم الاتفاق على تجميد عمل الجماعة داخل التحالف الوطنى وإطلاق حملة لمواجهة الفكر التكفيرى لتلميع الجماعة الإسلامية مرة أخرى، والتواصل مع عددٍ من السياسيين والقيادات الإسلامية البارزة للتوسط لدى الأزهر ليكون همزة الوصل وتنقية الأجواء مع وزارة الداخلية.

وذكرت أنه بالفعل تم الاتفاق في سرية تامة بين قيادات الجماعة الإسلامية والأمن على إطلاقها حملة لمواجهة الأفكار التكفيرية والابتعاد بشكل كامل عن السياسية والعمل السياسي موضحة أن القيادات حاولت التواصل مع حزب النور وعدد آخر من قيادات التيار الإسلامي، خاصة أبناء الأزهر والأوقاف لدعم معسكراتها الخاصة بالتخلص من ثياب العمل التكفيري.

«استعادة القيادات المهاجرة»

وكشفت المصادر أن الجماعة الإسلامية ستطلق مبادرة صريحة وخاصة، الفترة المقبلة، وربما تكون مبادرة مشتركة مع أحزاب إسلامية أخرى لترك العمل السياسي بشكل عام والاكتفاء بالعمل الدعوى لفترة مع عدم الاعتراف بالنظام الحالي، على حد قول المصادر.

وأضافت أن قيادات الجماعة الإسلامية بالداخل سيحاولون، خلال الفترة المقبلة، تجميع كل القيادات الخارجة التي انفصلت للعودة مرة أخرى، لافتة إلى أن المبادرة لم تتطرق إلى عودة طارق الزمر لمصر، مشيرة إلا أن الشيخ عبود الزمر يفكر خلال الفترة المقبلة في توفيق أوضاع الجماعة الإسلامية وتقليل الصراع والخسائر مع الدولة.

وقالت المصادر إن قيادات من وزارة الداخلية منحت الجماعة الإسلامية مهلة محددة لتحديد موقفها من العودة مرة أخرى للعمل بشكل طبيعى ومنحتها تسهيلات وقبول مبادرة المراجعات الفكرية والترتيب لها، موضحة أن «الداخلية» منحت القيادات تسهيلات لحملة مواجهة الفكر التكفيرى في مقابل ترك تحالف المعزول.

«قرار جيد»

من جانبه، اعتبر الشيخ سامح عبدالحميد حمودة، عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، اتجاه الجماعة الإسلامية لعمل مراجعات فكرية وحملات لمواجهة الفكر التكفيرى «قرار جيد»، مضيفًا: «أتوقع أن يحدث تغيير كبير في الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية على مستوى المراجعات الفكرية والسياسية».

وطالب «حمودة» الجماعة الإسلامية بمراجعة حساباتها بعد أن ورطها بعض قاداتها مع الإخوان، مشيرًا إلى ضرورة مراجعتهم الخطأ أفضل من التمادى فيه، لأنهم خسروا أنفسهم والحزب والجماعة وعادوا للعنف والسجن والهرب».

فيما أكد الداعية السلفى الشيخ محمد الأباصيرى أن حملة مكافحة الفكر التكفيرى التي أطلقتها الجماعة الإسلامية ليست إلا مراوغة من مراوغات الجماعة ولن يحدث ذلك أو يتحقق على المدى القريب أو البعيد.

«الأباصيري»، أضاف أن محاربة الجماعة للفكر التكفيرى يعنى أنها ستحارب نفسها أولًا فهى أم التكفير المعاصر، وهذا الأمر يمكن تصنيفه تحت باب «التراجيديا السوداء»، إذ أنه يبعث على السخرية الشديدة مع كونه يبدو في قالب جاد جدًا.

«باقون في التحالف»

أما محمد حسان، المتحدث الإعلامي للجماعة الإسلامية، فأوضح أن الجماعة الإسلامية أصدرت بيانًا بخصوص حملة مواجهة التكفير، مشيرًا إلى أنه ليس لديه تعليق على هذه الحملة وأنه لا مجال للخروج من تحالف دعم مرسي.

وكان بيان الجماعة الإسلامية، قد أشار إلى أن «الجماعة الإسلامية أطلقت حملة "لا للتكفير والتفجير" لمواجهة الفكر التكفيرى وأعمال العنف التي تذهب إلى الحكم بالكفر على قطاعات عريضة من الشرطة والجيش وقد يمتد عند البعض إلى تكفير الشعب بأسره كنتيجة لأمور عديدة أبرزها اليأس من التغيير عن طريق الآليات الديمقراطية».

وأضاف البيان: «إذا كانت الجماعة الإسلامية تعارض سلميًا ما تم في 3 يوليو والسياسات المتبعة في مواجهة المعارضين لها فإن هذا لا يدفعها إلى غض الطرف عن مواجهة هذه الأفكار التكفيرية وأعمال العنف والتفجير؛ وصيانة المجتمع من أن تستشرى فيه أفكار تسهم في تمزيقه وتفريقه».

وحملة لا للتكفير والتفجير ستجرى من خلال العديد من النشاطات المتنوعة التي تشمل عقد دورات ونشر دراسات وتوزيع مطبوعات ونقل خبرات الجماعة وغير ذلك في مواجهة دعاوى «التكفير والتفجير»، لكنها تؤكد في الوقت نفسه أنها لن تدخل في مواجهة مع المتظاهرين السلميين.

"نقلا عن العدد الورقي".....

الجريدة الرسمية