رئيس التحرير
عصام كامل

العندليب.. الأسطورة لا تصنعها الصدفة!


"اسمحولي أقدم لكم أغنيتي الجديدة..موعود..وموعود كتب كلماتها الشاعر الشاب محمد حمزة ولحنها الموسيقار الشاب بليغ حمدي..ولأن الأغنية فيها سروهات كتير فاسمحولي أقدملكم على الكمان الأستاذ الحفناوي..على الناي الأستاذ عفت..على الإيقاع الأستاذ حميدو..على الجيتار الأستاذ عمر خورشيد..على الأكورديون الأستاذ مختار السيد..ومش عايز أدوشكم وكان نفسي أقدم لكم كل أعضاء الفرقة الماسية بقيادة الأستاذ أحمد فؤاد حسن اللي ومن ساعة ما ابتديت مشواري وأنا بغني عليهم "!


تقريبا ومن الذاكرة ووفقا للتسجيل الشهير الموجود في أغلب أشرطة الأغنية وتسجيلاتها فهكذا قدم عبد الحليم حافظ أعضاء فرقته الموسيقية ربيع عام 71..وهكذا فعل تقريبا في أغنية "زي الهوا ".. منتهي الشياكة..قمة الذوق..لا تكبر..لا غرور..لا انفراد بالأضواء..لا غيرة من أحد..لا خوف من أحد..وكان يعلم على سبيل المثال أن وسامة عمر خورشيد وشعبيته النسائية كبيرة وكان قد بدأت شهرته سينمائيا تتسع وتتزايد وقد يزاحمه في الأضواء والاهتمام..لكنها الثقة غير المحدودة بالنفس وقدرته الفائقة على تقديم المواهب والتقييم الفني على معيار مهني موضوعي وليس شخصيا ذاتيا !

عبدالحليم الذي تعاون مع الأبنودي شابا..ومع مجدي الحسيني طالبا..ويعرض على مجدي العمروسي المحامي المغمور ليتولي الشئون القانونية في شركته الكبيرة مع محمد عبد الوهاب "صوت الفن " لمجرد صداقة قديمة..وهو نفسه الذي ينزع الأجهزة الطبية عن جسده النحيل المريض لينطلق إلى الشارع حافيا لمجرد علمه بوفاة الموزع والموسيقار العبقري الكبير على إسماعيل الذي وزع أغلب أغانيه !!

عبد الحليم..صوت الثورة..وقد غني لها في كل مناسباتها..من الفلاح للطالب إلى قائدها إلى العلم والمعارك.. لم يغن بعد رحيل عبدالناصر إلا في نصر أكتوبر بما لا يمكن معه اتهامه أنه كان يغني للسلطة.. وإنما كان يغني بما يؤمن به!

عبد الحليم..ابحثوا عن حلقة "زيارة لمكتبة فلان " للإذاعيه المدهشة نادية صالح واسمعوها..وقد أعادتها الإذاعة مساء الثلاثاء لتعرفوا مدى ثقافة حليم ووعيه..وأنه لم يكن جاهلا سطحيا كبعض فناني اليوم..إنما مثقف واع قارئ مطلع.

الكبير كبير..والأساطير الخالدة لا تصنعها الصدفة.. والأكاذيب لا تبقى أبدا في عقول وقلوب الناس..إنما يبقى الصدق وتبقي الحقيقة!.
الجريدة الرسمية