هيا نلعب هيا هيا
يقول أحدهم، عثرنا على خمسة عشر سلاحا كاتما للصوت في مخبأ كان يخزن فيه مسلحون الأعتدة التي يستخدمونها للقتل والتدمير في عملياتهم الإرهابية، لكن ما وصل منها إلى الجهات العليا خمسة فقط، وفقد منها عشر سنعلم سرها يوم الحشر! مثل ذلك الفساد يحدث حين يجبر الكثير من الناس على فعل مخالف للقانون والشريعة، ويكون عليهم أن يدفعوا الرشا إلى موظفين كبار وصغار وبمبالغ تكبر وتصغر حسب الطلب ونوع الصفقة، أو الحاجة المراد قضاؤها عند هذا الطرف، أو ذاك حيث تدفع الأموال وهو شكل من أشكال الفساد المثيرة للجدل والقلق معا، ومرد القلق إلى الخشية من انعكاسات سلبية على مستقبل الدولة الذي لايبدو إن الذين يستغلون مناصبهم ووظائفهم يهتمون له كثيرا، أو يفهمونه على الإطلاق لأنهم منشغلون بالحصول على مكاسب آنية. ويبدو إنهم غير واثقين من مستقبل الدولة العراقية، وقد يظنون إنها ماضية إلى الخراب، وعليهم حماية أنفسهم بكل السبل ومنها الفساد دون خشية من القانون الذي لا يجد بيئة ملائمة له في هذا الموضع من العالم.
في دوائر الدولة يأخذ الفساد أشكالا متعددة، فقد يضبط موظف بسيط وهو يتسلم مبلغ رشوة بسيط، بينما لايتم ضبط مسئول يحصل على الملايين من الدولارات، أو عشرات الملايين ومئات منها من الدنانير والريـالات والليرات والعملات الأخرى التي تتداولها بلدان الخريف العربي، وواضح تماما إن البعض أخذ يمارس لعبة الاستثمار في الفساد للحصول على مكاسب إضافية غير متوقعة، أو أنها محتملة في حال أستثمرت بشكل جيد. في بعض المؤسسات يحصل الموظفون على مبالغ من المواطنين لقاء إنجاز معاملاتهم حيث تتحول الدائرة الخدمية إلى ملك خاص للمسئول الأعلى فيها، بينما يجبر الموظفون على جباية مبالغ من المواطنين الذين يراجعون لإنجاز معاملاتهم، وهم يعرفون أن تلك المعاملات لن تنجز ما لم يتم دفع المال، وفي مرحلة لاحقة يتم توزيع المبالغ المستحصلة بالإكراه بين الموظفين بحسب الدرجة الوظيفية، وليس ممكنا أن يحصل المدير على مبلغ كالذي يحصل عليه من هو أدنى درجة وظيفية.
يرى البعض ممن دب اليأس في نفوسهم أن تتم خصخصة كل القطاعات وأن يدفع الناس مبالغ مالية بحسب نوع الخدمة المقدمة، دون السماح بتقديم خدمات مجانية لكي يشرعن الفساد وينظم، ولايكون سببا للشعور بالفشل من خلال السيطرة عليه وتوجيهه وتنظيمه وتقنينه فيكون العمل وفق أنظمة القطاع الخاص والاستثمار المنظم الذي يمارس فيه الفاسدون دورهم الطبيعي، ويكونوا محميين قانونا، ثم يشعر المواطن أن لا فضل عليه ولا منة من أحد في الدولة ومؤسساتها الخدمية، بل هو في موضع الطمأنينة حيث أدى ما عليه، أو لنقل دفع ما عليه.
وإذا بقينا في حال الولولة والنحيب والبكاء على الأطلال فلن نصل إلى نتيجة. فالفساد في منظومتنا العربية أصبح جزءا من الثقافة العامة، وعلى كل واحد منا أن يعلن احترامه للحرامي.