رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال "بلعيد" يفتح النار على حكم الإسلاميين.. مزالى: النهضة وراء مقتله وحان وقت التحرك.. بن حسين: "الغنوشى" رأس الأفعى والحادث لإرهاب المعارضة.. منصور: مصر وتونس على نفس الطريق

شكرى بلعيد
شكرى بلعيد

"تونس" فى المقدمة.. حقيقة باتت قائمة بأحداثها وتغيراتها، فبعد أن افتتحت فجأة حقبة سقوط الأنظمة العربية فيما يعرف بثورات الربيع العربى، باتت الآن تقود المنطقة أيضا فى كل ظواهرها المستحدثة التى لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعها أو حتى أكثر الناس تشاؤمًا، وجاء اغتيال المناضل التونسى "شكرى بلعيد" ليعيد الكَرّة مرة أخرى، وتبدأ تونس بالمنطقة مرحلة جديدة من الصراع السياسى بين القوى الليبرالية والإسلاميين الذين قفزوا على السلطة فى غفلة من خلافات المعارضة، وبدا الأمر كما لو كان بداية لمرحلة الصراع الدموى، فبعد أن استنزف الجميع كل الطرق السلمية فى الصراع على السلطة بدا وكأن الإسلاميين اختاروا أسهل الطرق فى إقصاء معارضيهم، خاصة وأن كل أصابع الاتهام وجهت لحزب النهضة التونسى وأقرانه من الحاكمين فى البلد الخضراء التى أصبحت فنارًا تتطلعه الشعوب العربية المنتظرة كل ما هو جديد فى تونس قبل أن يحدث ببلدانها، وأصبح اغتيال بلعيد حديث الجميع، خاصة وأن الاتهامات أصبحت تتبادلها أطراف عديدة، ففيما أنكر الإسلاميون علاقاتهم بحادث الاغتيال أصرت القوى الليبرالية على أن مقتل بلعيد لن يخرج عن عباءة التيار الإسلامى الحاكم بتونس.

فمن جانبها استبعدت التونسية "نبيلة مزالى" - المديرة بالقطاع السياسى بجامعة الدول العربية إدارة أفريقيا- أن تكون هناك أيادٍ خارجية أو أجهزة مخابرات متورطة فى اغتيال المعارض التونسى البارز "شكرى بلعيد"، مرجحة أن السيناريو الأصح هو ضلوع تيارات الإسلام السياسى خاصة النظام الحاكم فى اغتياله.
وأكدت أن التشابه الكبير بين الحالة فى مصر وتونس تأتى نظرًا لحالة التقارب بين البلدين، وليس لتورط أجهزة غربية فى الأمر، موضحة أنه وبعد تطورات الأحداث الأخيرة فإن الغرب سيتحرك، بعد حالة من التأخر فى اتخاذ القرار، فالغرب بدأ يهب من سُباته، وهناك مؤشرات تدل على أن هناك تحركًا غربيًّا، مؤكدة على أنهم كتونسيين لا يريدون مساعدة من الغرب، لكنها تقرأ الحالة.
وقالت مزالى: "بعد موت شهيدنا الكبير صار هناك تغيير كبير، ليس فى تونس فحسب، لكنه أيضا كان له تأثيره على الساحة المصرية، والتى قامت بنفس الخطوات؛ لأن مقتل "شكرى بلعيد" بهذه الطريقة ضربة كبيرة جدًّا، حتى أنى إلى الآن لا أستوعب ما يجرى، وأستيقظ يوميًّا ويصاحبنى الخوف من سماع خبر جديد عن تونس، فعدد المرسل لهم تهديدات كثير جدا".
وتؤكد مزالى على أننا لسنا دول إرهاب، وأنه منذ اغتيال "السادات" لم يسمع فى المنطقة عن حادث اغتيال وحيد، بل إن التصفية الوحيدة للسادات جاءت على يد من؟ فهؤلاء هم الضالعون فيما يجرى الآن فى دولنا التى لم تعرف الإرهاب يومًا.
وتتعجب مزالى من تصريح الغنوشى الذى يقول بأن أيدى أجنبية دخلت فى العملية، وهذا كذب – كما تقول - بل وإنه يتهم حليفته (قطر)، فهذه مصيبة.
وتضيف: "يد أجنبية لقتل شكرى تحديدًا صعب جدًّا، ولو قتل أى شخص آخر لم يكن ليجرى هذا، ما كان يصير ما جرى لشكرى، إنسان من الفقراء يعمل لهم، هو إنسان صريح ليس القائد السياسى الذى يضر، هو يضر الناس التى لها مصالح، واختياره خطأ؛ لأنه كان الوحيد القادر على عمل تآلف".
أما الدكتورة هناء بن حسين - عضوة الجالية التونسية فى القاهرة- فتؤكد أن اختيار "شكرى بلعيد" كان اختيارًا ممنهجًا، مؤكدة على أن الاتهام الأبرز هو للنهضة، فهى الوحيدة المستفيدة والضالعة فى اغتياله، مستبعدة أى حديث عن ضلوع أيادٍ غربية فى اغتياله.
وأضافت بن حسين: "شكرى بلعيد كان شوكة فى الزور، وكان لا بد من الخلاص منه، وفى اغتياله رسالة تخويف للحركات المعارضة لحزب النهضة، من أمثال (نداء تونس) و(جبهة الإنقاذ) وغيرها".
وتؤكد على أن النهضة تحاول إقصاء التهم عنها عبر الحديث وترويج أقاويل بضلوع أيادى غربية فى الحادث، مشيرة إلى أن تصريحات الغنوشى تصب فى هذا الإطار، مضيفة: "الغنوشى رأس الأفعى، كنت أحترمه وأحبه فى السابق، لكنه عبر مواقفه استطاع أن يغير الصورة لدى التونسيين، وأنا لا أعرف لماذا يظل وزير الداخلية بعد هذا الحادث، ولماذا لم يستقل ويعتزل العمل السياسى، وللأسف التشبث بالكرسى كارثة".
ولم تستبعد "بن حسين" أن تحدث فى المستقبل القريب اغتيالات جديدة فى تونس، مشيرة إلى أن التهديدات الكثيرة التى وجهت لنشطاء هى ليست مجرد حديث عادى، فحتى زوجة بلعيد وجه لها تهديدات هى وبنتاها الاثنتان، وقد لا تكون هذه التصفيات من نفس الشخص، ولا الحزب، فالبلطجة ستعمل على الأرض فى ظل الغياب الأمنى، معربة عن تمنياتها بألا تطول الأمور أكثر من ذلك.
وبدوره يقول المفكر اليمنى والوزير السابق "د. عبد الملك منصور": "لا أستبعد أن تكون هناك أياد خارجية ضالعة فى اغتيال المعارض التونسى شكرى بلعيد، فى ظل الأجواء الساخنة التى تشهدها المنطقة".
وأضاف منصور: فى الحقيقة أدين هذه الأعمال، واغتيال شكرى انصراف عن الحوار إلى المصائب، كنا نود لو أنهم استمروا فى الحوار، بدلا من النزول إلى هذا الحديث الدموى الذى سيجر البلاد إلى ويلات كبرى".
وطالب منصور العقلاء فى كل من تونس ومصر بعمل مدونة قواعد أخلاقية للعمل السياسى والنقاش السياسى لبناء الوطن، فبلا قواعد ستؤدى إلى تدهور الأمور بشكل كبير، فكل من مصر وتونس تسيران فى نفس الطريق.

الجريدة الرسمية