رئيس التحرير
عصام كامل

إلى متى يتم تجاهل الفقر؟!


قريتى حزينة، أصابتها نكسة في ليلة كاحلة الظلام، لم يشفع لها علم ولا سلطان ولا هدوء ولا استقرار، بل تحولت في يوم وليلة إلى مدينة تسكنها الأشباح، أصبح الجميع لا يفارق مقابر القرية في انتظار الجثة القادمة بعد دفن سابقتها بسبب الحادث المروع الذي شهدته القرية.


مأساة مروعة يرويها كل من شاهدها في قرية شطورة بمحافظة سوهاج.. الواقعة بدأت بانفجار مخزن بنزين نتج عنه حريق صغير ساهم في إطفائه كل الجيران والأقارب، وعقب محاولة العشرات إخراج براميل البنزين من مخزن مجاور للحريق نشب الحريق مرة أخرى لتنفجر البراميل وتحاصر كل الموجودين بالداخل.. المأساة كانت رهيبة لكل من شاهد الواقعة ولم يستطيعوا أن يقدموا شيئا للضحايا الذين علت صرخاتهم تستجدى من ينقذهم من السنة اللهب.

رحمة الله على ضحايا الإهمال، وأغلبهم من الغلابة الذين يتم تجاهلهم دائما سواء من ناحية الرعاية الصحية أو الاهتمام بالتعليم.. كل يوم قرية شطورة تودع ضحية أو اثنتين أو ثلاث بسبب قلة الأدوية والإمكانيات داخل المستشفيات بمحافظة سوهاج التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. القرية أصبحت مليئة بسحابة سوداء من كثرة الحزن.. عدد الوفاة وصل إلى نحو 16 حالة وكل يوم تزداد حالات الوفاة لقلة تلك الأدوية والإمكانيات داخل المستشفيات.. فالمستشفيات معطلة ولا يوجد إسعاف أو مطافئ.. المصابون في الحادث الأليم ظلوا ساعات داخل المستشفيات دون أدوية للحروق ودون تدخل لإنقاذ الموقف فالمستشفيات لا توجد بها أدوية للجروح أو الحروق والأهالي يبحثون عن تلك الأدوية كيف يمكن لمستشفيات بمحافظة لا يتوفر بها أي علاج.

هل عدم توافر تلك الأدوية والاهتمام بالمستشفيات يرجع إلى عدم الاهتمام بالفقراء وكيف يمكن لمريض أن يذهب إلى مستشفى لتلقي العلاج ثم يذهب ليفاجأ بأن المستشفى لا يوجد به أي أدوية.

المصابون ياسادة في محافظة سوهاج تم نقلهم إلى مستشفيات داخل محافظة أسيوط وآخرين إلى القاهرة بعد الجهد الكبير الذي قامت بها القوات المسلحة بإرسال طائرة عسكرية لنقل المصابين إلى القاهرة حتى يتم معالجتهم داخل مستشفى القوات المسلحة وهذا الجهد مشكورة عليه القوات المسلحة، والتي توضح أن الجيش دائما يكون بجوار المواطنين وبجوار شعبه..

نقل المصابين إلى القاهرة جاء بسبب عدم توافر الأدوية في محافظات الصعيد.. فهل هذا معناه أن الصعيد متجاهل وإلي متي يتم هذا التجاهل، متي يتم الاهتمام بالفقراء بالصعيد والمناطق الريفية.. تلك الحالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. ولكن إلى متى يتم تحويل المصابين من المستشفيات بسوهاج إلى محافظات أخرى؟!
الجريدة الرسمية