رئيس التحرير
عصام كامل

مستكترين علينا الجهاز!


دعونى أعترف، أنا والعياذ بالله من هذه الكلمة، واحد من جيل جهاز العروسين، آى نعم، كان أتخن جهاز على أيامنا، والاختراع الذي لا يُشَق له غُبار، هو جهاز العروسين، (عبد الرحيم عمرو)؟ طبعًا (عبد الرحيم عمرو).. إذن فاحتكم الأمر.. وهاتجوّز.. طبعًا مش أنا اللى هاتجوّز؛ علشان كنت أيامها لسَّة في إعدادية باين، لكنى كُنت زى غيرى فرحانين وفخورين جدًا بقُدرة بلادنا على اختراع ذلك الجهاز المُعجزة، اللى بيجوَّز الناس لبعضيها!


بعد سنوات طوال، دراسة وشُغل وكمان جواز، من غير الجهاز إياه طبعًا، عرفت أن هناك جهازًا آخر تم الإعلان عنه، وهو جهاز علاج الإيدز وفيروس سى، والذي أعلنت القوات المُسلحة عن اختراعه، قولت ياريت، طيب اللى كانوا هايموتوا على الجواز ومش قادرين حتى على جهاز العروسين، أهم عايشين بصحِّتهم اللى مزعلاهم دى، لكن اللى هايموتوا على وجود بارقة أمل في الحياة، وبيحلموا فعلًا بوجود جهاز زى بتاع علاج الإيدز والكبد ده، أكيد يستحقوا الشفقة والعطف، وأكيد إحنا نستحق يكون عندنا جهاز مُحترم نتفشخر بيه قدام الدُنيا كلَّها!

الغريب لم يكُن في اختراع الجهاز، فهو أكيد ليس آخر اختراعات البشرية، والغريب كمان لا يُمكن أن يكمُن في اتهام مُخترعه بالجنون، فأخونا (جاليليو) الله يعمِر بيته، أيام ما طلع على الناس وقال لهم إن الأرض بتدور حول الشمس، عملوا عليه حفلة، واتهموه بأنه مجنون وعبيط وأهبل، وقعدوا يتريقوا عليه على الفيس بوك بتاع أياميها، اللى كانوا بيحفروا الاستيتس بتاعته على الصخور، ولما حَد يحب يشيَّر حاجة، كان بياخد الصخرة بحالها عنده في البيت!

إنما الغرابة الأكثر كانت في الهجوم العنيف واللى مش طبيعى ضد الجهاز وإمكانية اختراعه من الأساس، كأنهم مستخسرين إن واحد مصرى يعمل اختراع زى دة، طيب حَد كان يتخيل إن الإنسان يخترع طيارة؟ الله يرحمه (عباس ابن فرناس) قالوا عليه عبيط أيامها برضو.. يطلع الفضاء؟ يراقب العالم في بلادها وبيوتها في الشرق الأوسط أو الأدنى، ويوصل لمقاس فانلاتهم لا مؤاخذة الداخلية، وهو قاعد في البنتاجون أو البيت الأبيض أو بيشرب كاسين براندى في أوكلاهوما؟ طبعًا لأ، علشان محدش زمان كان يتخيَّل إن البشرية تخترع فانلات داخلية أصلًا!

هل أدافع عن الجيش؟ لا يا راجل والعياذ بالله.. حد يدافع عن جيش بلده برضو؟ تِف من بؤك ما تقولشى كدة، إنت فاكرنى عبد من عبيد البيادة واللا إيه؟ الناس تدافع عن (باسم يوسف) لما يسرق مقال، تدافع عن مثالية الأم (فيفى عبده)، تعترض على القبض على (صافيناز)، إنما تدافع عن الجيش؟ عيب ميصحِّش.. لكن الحكاية وما فيها إن الناس قالت عملنا الاختراع الفلانى، وهانعلن عنه في يونيو، وهو اختراع حقيقى، ماشى يا سيدى، قالوا الجمل طلع النخلة، آدى الجمل وآدى النخلة، واطلع يا عم، والله لو طلع، خير وبركة، أهو يجيب لنا بلحتين من فوق، طيب لو مطلعشى؟ نعمل فورًا بنصيحة الجنرال (برعى) ونسلُّخ وشه، وهو إحنا هانروح من بعض فين؟ أهو اليوتيوب موجود!

الشيء الغريب برضو كمان، تحس إن الناس بتهاجم الجهاز لمجرد إن الجيش هو اللى ابتكره، والطبيعى إن جهاز بالشكل ده وبيعالج الأمراض دى، لو كان (جورج بوش) أو (إبليس بوش) هو نفسه اللى اخترعه، هانقول له متشكرين على خدمتك للبشرية يا سيدى، مش مهم مين اللى اخترع، المُهم إيه اللى اختُرِع، ونعيد تانى علشان البيه اللى مأخدشى باله: المَيَّة تكدِّب الغطاس، وأهو لو نزل تحت المية وطلع بأيديه فاضية، يبقى كداب، أما لو نزل وطلع ومعاه صباع الكُفتة، فيبقى كدة مِيَّة مِيَّة!

وعلى سيرة صباع الكفتة، فللعلم.. كثير من الأدوية في الخارج يتم تجريبها بنفس الطريقة في بداياتها، بس هناك بيستعملوا حتة بسكويت، أو حتة جبنة، لكن الراجل لو كان وقف قال لنا إنها هايحطها في بسكويت أو بيتى فور أو جبنة ريكفور، كانوا هايقولوا إن الاختراع أكيد أجنبى، فلازم نصبغ عليه بطابع المحلية بتاعنا، وأهو لو الدوا منفعشى ـ لا قدَّر الله ـ الكُفتة تنفع، ومطرح ما يسرى يمرى!
الجريدة الرسمية