بالأدلة وللتاريخ: السيسي بطل.. شئتم أم أبيتم! (1)
كانت الأيام الأولى بعد سقوط مبارك تشي بأن الإخوان قادمون.. ليس غيرهم قوة واحدة منظمة وكبيرة ولديها إمكانيات الجماعة.. وبدلا من دعم القوى الوطنية والمدنية للقوي الأخري المنظمة والتي لديها قوة الفعل على الأرض وهي الجيش راحوا يهاجمونها ويتظاهرون ضدها حتى قبل أي أحداث عنيفة.. كان الإخوان يغذون ذلك ويشعلونه حتى لا يجد الجيش غيرهم ليتفاهم معهم.. وقد كان..
وبين ذلك راح الإخوان يستعدون للسلطة.. فكنا نتلقي كل يوم دعوة إخوانية.. مرة للإفطار في رمضان.. ومرة لندوة هنا أو لحفل وزفاف زميل إخواني هناك.. كانت مسيرة الإخوان لتأليف القلوب قد بدأت.. أو هكذا ظنوا.. كانت الابتسامات والمجاملات والنعومة السياسية على أشدها.. ولم يستغرق الأمر بعد انتخاب مرسي إلا ساعات حتى رأينا كل زملائنا المجاملين المبتسمين المحترمين وقد انقلبوا انقلاب السنين.. تحولوا إلى شخصيات خشنة جافة متكبرة مغرورة.. لا يعرف أغليهم ذوقا ولا أدبا ولا دبلوماسية.. هكذا روي لي أصدقائي قصصا مخجلة.. ورأينا بعضهم على الشاشات بما يغني عن الروايات.. كانوا يدركون باختصار أن الأرض قد دانت لهم.. وأنهم في السلطة إلى يوم يبعثون.. وأن الزمان قد توقف وأن التاريخ انتهى إخوانيا!!
وانعكس الأمر على الشارع وعلي سلوكهم مع القوى السياسية.. يدمرون ويحطمون منصة للتيار الشعبي أو للكرامة.. ويمزقون صورا لغيرهما.. ويمنعون مؤتمرا لغيرهما.. ويحطمون مؤتمرا لغيرهما.. كل ذلك رأيناه ويعرفه الجميع وسجلته صوتا وصورة كل كاميرات الدنيا.. وتحول الأمر إلى غليان سياسي كبير وبدأت نغمة الندم على انتخاب مرسي ودائرة الاعتذار عنه.. فيرد الإخوان بقتل الناس واختطافهم وإلقائهم بعد ذبحهم على قارعات الطريق..
كان العنف الإخواني مقصودا حتى تصل الرسالة وبسرعة إلى الشعب المسكين.. فهم قوة كبيرة ورجالهم مدربون ومنظمون وممولون ومسلحون.. ومعهم قوي قريبة في غزه وغيرها جاهزة على الاستدعاء.. ومعهم غطاء دولي كبير.. ومعهم الجيش والشرطة.. وزحف إرهابي من الخارج إلى مصر كبير.. وأدرك خيرت الشاطر أن الفرصة سانحة وسط هذا الارتباك والضعف السياسي لخصوم الإخوان لأخونة كل شيء.. وتمرير أي شيء.. ولكن وبينما مصر تتفرج عابسة حزينة على ذلك.. وأولادها يتساقطون شهداء وجرحي.. والقوي الوطنية تصرخ تستنجد بالجيش.."أغيثونا انقذونا ".. " تدخلوا وانقذوا بلدكم وشعبكم".."لا أمل إلا في الجيش"..
والإخوان يدركون ذلك ويردون بحرب نفسية ويشيعون أن السيسي إخوانى.. نقول وبينما مصر كذلك نجد من يقف ليعلن أنه ومؤسسته غير راضين عما يحدث.. خرج ليدعو أولا القوى السياسية للاجتماع في دور القوات المسلحة للحوار.. وخرج ليؤكد أن القوات المسلحه ستهدم الأنفاق.. وخرج ليعلن أن القوات المسلحة تراقب ما يسمي بمشروع تنمية قناة السويس.. وخرج ليؤكد أن حلايب مصرية ولا تفريط في شبر منها..
وكان في كل ذلك يتحدث عكس ما يقوله الرئيس والرياسة والإخوان.. ويغضب بذلك الرئيس والرياسة والإخوان.. وكان يستفز صراحة الرئيس والرياسة والإخوان وكان يمكن بجرة قلم بسيطة أن يصدر الرئيس قرارا باستبعاده وتعيين غيره.. والرئيس هو القائد الأعلي.. وسبق أن أقال طنطاوي وعنان في لحظات والتزم الجيش.. والتجربة ماثلة في الأذهان.. ومن كان مكان السيسي فسينتظر على الأقل قبل الصدام أن يهنأ بالمنصب الرفيع ودخله ومرتبه الكبير ومزاياه الرهيبة.. إلا أن السيسي اختار طريقا آخر..
تناساه البعض في غمرة الخلافات والانحيازات.. وتناسوه في حالة خيبة وطنية كبيرة.. وفي حالة تقليد أعمي لأساليب الإخوان.. وفي حالة جحود انتهازي مروع.. وفي حالة زهايمر سياسي لا مثيل له.. وفي حالة نكران لتاريخ ما زلنا نطل عليه.. وكأن السيسي ظهر فقط في 30 يونيو.. وكأن 30 يونيو نبت شيطاني تم فجأة بغير أي مقدمات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وللحديث بقيه غدا!!