رئيس التحرير
عصام كامل

اجري اجري اجري.....!


ذهبت في الأسبوع الماضي مع ابنتي ذات العشرة ربيعًا لحضور مباراة لها في بطولة الجمهورية لناشئي التنس المقامة باستاذ القاهرة الدولي، وحين اتجهنا إلى الباب الجانبي للاستاد خلف مبنى البانوراما وجدنا الطريق مغلقًا بدءًا من قاعة البولينج التي استمتعنا باللعب فيها كثيرًا وقت الأمن والأمان وحتى نهاية الطريق، ولما سألت عن أسباب ذلك نبهني فرد أمن أنه مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وكان المحيط ساكنًا لا يدل مطلقًا عن أهمية المقر ودوره.

وحين عدت عصر اليوم التالي لاستقالة المُشير السيسي، أوداني الفضول إلى المرور هناك فصدق حدثي أن وجدت الحركة تدب بالمنطقة، واستدرت عائدًا وقد أتحفني المذياع فجأة بأغنية الراحلين حسين السيد ومحمد عبدالوهاب اجري اجري اجري، فضحك أفراد الأمن مشيرين لي بالانصراف، وابتسمت ماضيًا إلى حال حلمي لا أدري هل الإسقاط على سرعتي في الخروج من الكردون الأمني الذي لم أدخله، أم في السرعة التي توقعتها من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في إعلان الجدول الزمنى الخاص بالإجراءات الانتخابية الرئاسية والمضي فيه فور استقالة المشير السيسي وإعلان ترشحه في الانتخابات!.

أتفهم أن الظروف التي تمر بها مصر منذ الاستقلال التام عن الاحتلال الإخواني الغاشم وما يتخللها من الإرهاب الداخلي والتدخلات والضغوط الخارجية وتحدياتها، جعلت الكثير من المهام على عاتق المشير السيسي بعد أن حسم أمره واتخذ منذ فترة قرار الترشح للانتخابات الرئاسية، استوجب وضعه من ثورة يونيو 2013 وما قام به أن يقوم بترتيب بعض الأمور قبل تركه للمنصب. 

وكمواطن من شعب مصر أرتضي ذلك لأنه فوق هذا وذاك حق أصيل للرجل أن يُعلن عن ترشحه، دون تدخل أو رقابة أو تعقيب من أحد، لكنني لا أرتضي في ذات الوقت انعدام الشفافية من بعض الأجهزة أو الكيانات في الدولة، بدءًا من عدم قيام مؤسسة الرئاسة باستفتاء الشعب على تعديل خارطة الطريق وتقديم الانتخابات الرئاسية عن الانتخابات البرلمانية على نحو ما قدمتُ من مبادرة إلى رئاسة الجمهورية بإضافة بطاقة اقتراع ثانية بذلك في الاستفتاء الأخير للوقوف على الإرادة الحقيقية للشعب في هذا الشأن، بدلًا من استبيان بعض القوى الشبابية أو السياسية التي قد تخلل بعضها مصالح خاصة! فمرورًا بتأخر مؤسسة الرئاسة في إصدار قانون الانتخابات الرئاسية بحجة طرح مشروعه للحوار المجتمعي!

ثم جاء تأخُّر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات كأول استحقاق انتخابى بعد إقرار الدستور! طبعًا لأن آخر موعد لتحديث البيانات في قاعدة الناخبين هو صدور قرار دعوة الناخبين من هذه اللجنة، وقتها يتوقف إجراء تعديل على قاعدة البيانات، مما يعني عدم جواز ترشح المشير السيسي طالما ظل في منصبه. ومهما خرجت تصريحات عن اللجنة بنفي أن يكون تأخر الإعلان عن فتح باب الترشح وموعد إجراء الانتخابات الرئاسية يرجع أسباب أمنية أو سياسية، وأن القرار متوقف على بعض الإجراءات التي تسبقه، فإنني شخصيًا غير متقبل مثل هذه المبررات، خاصة وأن التصريحات السابقة عن اللجنة في الفترة التي أعقبت الاستفتاء تدل على رغبة أعضائها في سرعة الإجراءات والمواعيد، وأرجو أن يهدم التاريخ ظنوني لأننا نتحدث عن مجموعة من شيوخ قضاة مصر أعضاء اللجنة!

المهم..، فقد تقدَّم المشير السيسي باستقالته من وزارة الدفاع وأعلن عن ترشحه على منصب رئيس الجمهورية، ولسوف تسابق لجنة الانتخابات الرئاسية الزمن في إصدار قراراتها المتعلقة بالعملية الانتخابية، وأتحدى ثانية ألا يحدث ذلك مثلما تحديت في السابق منذ أسابيع أن تدعو الناخبين للانتخابات قبل أن يُعلن السيسي ترشحه، وهو ما حدث! فأهلًا بالسيد عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة، وأتمنى أن تخرج جميع أجهزة الدولة وكياناتها إلى حيز من الشفافية تليق بشعب عظيم قام بثورتين في أقل من عامين ونصف، وتُناسب شيبة وهيبة أولى الأمر من الحاكم والمسئولين معًا.
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية