عيون وآذان (إسرائيل تهرب من العدالة)
ماذا يفعل مجرم ضُبِطَ متلبساً وهو يُقاد إلى المحكمة؟ يهرب إذا استطاع. هذا تماماً ما فعلت إسرائيل وهى تُقاد إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف لمواجهة ما يُعرف باسم العرض الدورى العالمى لسلوكها، وهو ما تلتزم به جميع الدول الأعضاء المئة والثلاث وتسعين فى المنظمة العالمية.
نصف قرارات مجلس حقوق الإنسان منذ تأسيسه سنة 2006 عن إسرائيل، وهذه حضرت جلسة لمحاسبتها سنة 2008، ودينت كالعادة بتهمة اضطهاد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة.
منظمة العفو الدولية دانت تهرّب إسرائيل من جلسة محاسبتها، وقالت إن هذا التصرف قد يجعل دولاً أخرى تنتهك حقوق الإنسان تتهرب من المحاسبة.
لم يبقَ سوى أن يوزع الإنتربول صورة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ممثلاً لإسرائيل، وتحتها: مطلوب للعدالة بتهمة قتل النساء والأطفال وتدمير البيوت وسرقة ممتلكات.
إسرائيل تحت الحكم اليمينى النازى الجديد عارٌ على اليهود حول العالم، بل هى عدو اليهود، لأن جرائمها تؤدى إلى انتشار اللاساميّة من جديد حول العالم، وقد أشرت أخيراً إلى يهود يتكلمون العبرية همساً فى أوروبا، أو لا يرتدون ملابس تدل على أنهم يهود حتى لا تهاجمهم عصابات لاساميّة.
وأزيد اليوم ما كتبت امرأة يهودية فى موقع ليكودى تحت العنوان: «بريطانيا ليست مكاناً (صالحاً) لليهود» تقول فيه إن يوم الذكرى العالمية للمحرقة النازية استُغِلّ لمهاجمة إسرائيل.
كل مَنْ يدافع عن إسرائيل شريك فى جرائمها ضد الفلسطينيين وضد الإنسانية كلها. والكاتبة تشير إلى نائب فى مجلس العموم البريطاني، وإلى كاريكاتور فى الـ«صنداى تايمز».
قبل يومين، أشرت إلى هذا الكاريكاتور الذى يُظهِر نتانياهو وهو يبنى جدار الفصل العنصرى على جثث الفلسطينيين. وقد اعتذر روبرت ميردوخ لنشر الكاريكاتور فى يوم ذكرى الهولوكوست، كما اعتذر رئيس تحرير الجريدة بالوكالة مايكل إيفنز.
النائب ديفيد وارد، من الحزب الليبرالى الديموقراطى الشريك فى الائتلاف الحكومى البريطاني، قال إنه «حزين لأن اليهود الذين تعرضوا لمستوى لا يُصدّق من الاضطهاد خلال الهولوكوست يرتكبون فظائع ضد الفلسطينيين فى دولة إسرائيل الجديدة على أساس يومي». الحزب وبَّخ النائب، وهذا اعتذر ووعد بألا يستعمل كلمة «اليهود» فى المستقبل، إلا أنه قال أيضاً إنه «سيواصل انتقاد الإجراءات الإسرائيلية فى فلسطين بأشد العبارات الممكنة طالما استمرت إسرائيل فى اضطهاد الشعب الفلسطيني».
أرجو أن يلاحظ القارئ أن رسام الكاريكاتور جيرالد سكارف والنائب ديفيد وارد بريطانيان، وليسا عربيّيْن أو مسلمَيْن، وأن دفاعهما إنسانى محض لأنهما يريان جرائم اسرائيل ولا يستطيعان السكوت عنها.
ثم هناك أعضاء الأمم المتحدة، فإسرائيل لا تجد نصيراً لها غير الولايات المتحدة، شريكتها فى الجريمة، وبعض الدول الجزر فى المحيط الهادئ، مقابل غالبية مطلقة تدين جرائمها، ثم تحتج على العالم كله كأن المطلوب أن يسكت هذا العالم عن جرائمها أو يمنحها عفواً عنها.
الغريب فى موضوع إسرائيل أن اليهود حول العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة نفسها، ليبراليون وسطيون ولا علاقة لهم بجرائم اسرائيل، غير أن يهوداً كثيرين يدافعون عن إسرائيل إما خوفاً على مصيرها أو جهلاً بجرائمها. لهذا السبب، أعتقد أن النائب ديفيد وارد أخطأ بالإشارة إلى «اليهود» بدل حكومة إسرائيل، أو إسرائيل، وأن رسام الكاريكاتور كان مصيباً فى تصويره نتانياهو كمجرم حرب لأنه كذلك، ثم إن الكاريكاتور يقوم على المبالغة ليستحق اسمه.
وقبل هذا وذاك، أصاب شعبان عبدالرحيم وهو يغنى «أنا بحبّ عمرو موسى وأكره إسرائيل»، فحكومتها مسئولة عن شعور العالم بأن إسرائيل ترتكب جريمة يومية ضد الفلسطينيين.
نقلاً عن الحياة اللندنية