رئيس التحرير
عصام كامل

الكوميديا "الطين"!


مصيبة الأمة في مثقفيها وأهل نُخْبَتِها..المزفلطين المحفلطين الجيمسينات، بتوع نضال آخر زمن في العوامات، كما قال الشيخ الجميل إمام عيسى.. أقرأ لهم كلامًا كما لوكان طبق "إسباجيتى".. خيوط عجين رفيعة ملفوفة حول نفسها لا تعرف للخيط أولًا من آخر.. يتحدثون بتدوير وتقعير وتكوير عن أمور غاية في البساطة لا تحتمل كل هذا الهراء (بالهاء!).. أسمعهم فأتذكر عبارة شهيرة في تعريف علم النفس تقول إنه العلم الذي يخبرك عما تعرفه "بكلمات لا تفهمها"!


أجدنى مضطرًا إلى الاستهلال بهذه المقدمة قبل أن أطالبهم بالتنحى عن المشهد الآنى، ونحن على أعتاب الترشيحات لانتخابات الرئاسة، وذلك لسبب بسيط، وهو أنهم سيفتحون على الرابع في الحديث عن الحرية المطلقة التي تتيح لكل مواطن حق الترشح، ولتذهب الضوابط في الكازوزة.. ثم تباغتنا نتائج لم تكن في الحسبان، فتتحول جدية مشهد الترشح للمنصب الرفيع إلى معجنة أقرب للكوميديا الطين منها إلى الكوميديا السوداء، كما حدث إبان الترشيحات لآخر انتخابات رئاسية في 2012.

في ذلك العام وبسبب النخبة.. انهارت أركان وآليات الضوابط، فتحول المشهد إلى مسخرة بامتياز، وحفلت الصحف والفضائيات بلقاءات وحوارات مع من قدموا أنفسهم كمرشحين محتملين، وامتد حبل الإفيهات، وقيل إن المرشح المبلط أعلن عن عزمه تركيب "قيشانى" بدلًا من بلاط القصر الجمهورى مع توفير كبير في المونة..

بينما وعد المرشح "الكمسارى" بمنح حامل تذكرة الانتخاب 100 جنيه على أن يمنحه 50 جنيهًا ويكتب الباقى على ظهر التذكرة، وسمعنا ذلك "السباك" الذي صرح بأن مكافحة "الكوع" على رأس أولوياته!.. بل تقدم للمنصب الرفيع بالفعل، الميكانيكى والقهوجى والبوهيجى والكفتجى والمكوجى..

بقى القول إن ما زاد الطين طينًا أن "حشاشًا" تقدم لسحب أوراق الترشح، وقيل وقتها إن ضابطًا كان يعرفه هو الذي "هَرَشه" وقال له على سبيل المزاح "بانجو انت تانى؟!" وكانت المفاجأة أنهم ضبطوا في جيبه لفافة بانجو.. ولم تقف المهازل عند هذا الحد، فوجدنا متقدمًا لسحب أوراق الترشح وفى قدميه "شبشب بصباع" ربما لم ينته بعد من سداد أقساطه.. وهناك من قال إنه ابن الملك فاروق.. سألوه فاروق مين يا جدع؟! قال: فاروق جعفر.. ثم "الحانوتى" الذي أعلن أنه سيأتى بهادى خشبة نائبًا للرئيس، وسوف يحول سلسلة محال عمر أفندى إلى سلسلة محال "عمر أفندى مكرم" وإنا لله وإنا إليه راجعون.. فيا أهل النخبة ارحمونا يرحمكم الله.
الجريدة الرسمية